للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أي: تعلمون بطلان ما تدعونه وتروجونه في كلامكم ". (١)

وممن أشار إلى ذلك من المفسرين: القرطبي، وأبو حيان، وحقي، ومحمد رشيد رضا. (٢)

واستنبط بعض المفسرين من دلالة مفهوم المخالفة استنباطا سليما، في أنه في حالة عدم العلم ببطلان الحجة أنه يجوز نفوذ القضاء ظاهرا وباطنا، ولا إثم في ذلك، قال أبو حيان: " وفي قوله: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} دلالة على أن من لم يعلم أنه آثم، وحكم له الحاكم بأخذ مال، فإنه يجوز له أخذه، كأن يلقى لأبيه ديناً وأقام البينة على ذلك الدين، فحكم له به الحاكم، فيجوز له أخذه وإن كان لا يعلم صحة ذلك، إذ من الجائز أن أباه وهبه، أو أن المدين قضاه، أو أنه مكره في الإقرار، لكنه غير عالم به بأنه مبطل فيما يأخذه، والأصل عدم براءة المقرّ، وعدم إكراهه، فيجوز له أن يأخذه ". (٣) ووافقه على ذلك الجصاص، والألوسي. (٤)

ويخلص الأمر على سلامة استنباط السمعاني في عدم نفوذ القضاء ظاهرا وباطنا عند العلم ببطلانه.

ولا أصرح ولا أدل في التحريم بعد هذه الآية الكريمة إلا ما رواه الأئمة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما أنا بشر وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صدق، فأقضي له بذلك فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو فليتركها) (٥). والله أعلم.


(١) تفسير القرآن العظيم (١/ ٥٢١).
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٣٣٧)، والبحر المحيط (٢/ ٢٦)، وروح البيان (١/ ٤١٢)، وتفسير المنار (٢/ ١٦٠).
(٣) البحر المحيط (٢/ ٢٦).
(٤) انظر: أحكام القرآن (١/ ٣١٦)، وروح المعاني (١/ ٤٦٦).
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المظالم - باب إثم من خاصم في باطل وهو يعلمه - حديث ٢٣٢٦ (٢/ ٨٦٧).

<<  <   >  >>