لا يخفى أن عقيدة المفسر من أهم الأمور التي يجب أن يطلع عليها، خشية أن ينزل كل مفسر الآيات على ما يوافق مذهبه، ولقد كان أبو المظفر السمعاني في بداية نشأته على مذهب القدرية في الاعتقاد، فرجع إلى جادة الصواب، فانتقل إلى مذهب أهل السنة والجماعة، حتى أصبح إماما فيهم، فانتصر لهم، وذب وذاد عنهم، فأصبح سلفي المعتقد، رائده الدليل، وقدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، وسلف الأمة، حتى قال عنه الذهبي " تعصب لأهل الحديث والسنة والجماعة، وكان شوكا في أعين المخالفين، وحجة لأهل السنة ". (١)
وبذلك كانت استنباطاته العقدية، تتمحور في جميع أمور العقيدة مابين إثبات لأسماء الله الحسنى وصفاته، ووعده ووعيده، ومابين مناقشة لأهل الفرق والضلال على تبيين باطلهم وضلالهم كون سلاح هذه الطوائف التأويل المذموم، والقياس الفاسد، ناهجةً تلك الاستنباطات مسلكين:
[المسلك الأول: استنباطات فيها تقرير مباشر لمسائل العقيدة عند أهل السنة والجماعة]
ومن الأمثلة على ذلك:
- ما ذكره عند تفسيره لقوله تعالى:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[البقرة ١٧٨].