للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

دلالة طلب قوم نوح منه عليه السلام أن يطرد المؤمنين.

قال تعالى: {وَيَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا} [هود ٢٩]

• قال السمعاني - رحمه الله -: " فيه دليل أنهم طلبوا منه أن يطرد المؤمنين ". (١)

الدراسة:

استنبط السمعاني بدلالة الالتزام أن نوحا عليه السلام عندما أخبر قومه بأنه لن يطرد المؤمنين، أن ذلك يلزم من أنهم قد طلبوا منه ذلك الأمر من قبل، ووجه الاستنباط أن هذا المنع لازم من أنه قد كان مطلوبا من قومه، قال الرازي: " فأما قوله: {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا} فهذا كالدليل على أن القوم سألوه طردهم رفعا لأنفسهم عن مشاركة أولئك الفقراء ". (٢)

وممن ذكر هذا الاستنباط من المفسرين: الواحدي، والبغوي، والقرطبي، وابن كثير، والسعدي. (٣)

وقد أيد هذا الاستنباط ما أثر عن ابن جريج أنه ذكر أن سبب قول نوح ذلك أنه قد طلبوا منه قومه أن يطردهم بحجة أنهم ليسوا من أشراف القوم، وهو كما أراد كفار قريش من النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرد فقراء المؤمنين، حتى نزل قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}. (٤) وبهذا يظهر صحة استنباط السمعاني لما فيه من الدلالة الواضحة، والله أعلم.


(١) تفسير السمعاني (٢/ ٤٢٥).
(٢) مفاتيح الغيب (١٧/ ٣٣٩).
(٣) انظر: الوجيز (١/ ٣٣٨)، ومعالم التنزيل (٤/ ١٧١)، والجامع لأحكام القرآن (٩/ ٢٦)، وتفسير القرآن العظيم (٤/ ٣١٧)، وتفسير السعدي ص ٣٨١.
(٤) للاستزادة: انظر جامع البيان (١٥/ ٣٠١)، ومفاتيح الغيب (١٧/ ٣٣٩)، والدر المنثور (٨/ ٣٧).

<<  <   >  >>