للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكر نفي العلم يدل على غلبته وإلا فإنه لا يذهب كله.

قال تعالى: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [النحل ٧٠]

• قال السمعاني - رحمه الله -: " وهذا دليل على أنه قد يذكر الشيء، ويراد به الأغلب، فإنه إذا رد إلى أرذل العمر لا يذهب جميع علمه إذاً، وإنما يذهب أكثر علمه ". (١)

الدراسة:

استنبط السمعاني في هذه الآية استنباطاً أصولياً بأنه قد يذكر الشيء ويراد به أغلبه، وليس كله تماما، وقد تكرر هذا عند السمعاني في غير ما موضع كآية {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ} وآية {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} ووجه استنباطه هنا أن الإنسان إذا رد إلى أرذل عمره بأن طعن في السن، فإنه يكون قد نسي أغلب ما قد عقله وعلمه، وليس كله.

وقد ذكر ابن جزي عند تفسيره لهذه الآية ما يؤيد هذا الاستنباط قال: " وليس المراد نفي العلم بالكلية، بل ذلك عبارة عن قلة العلم لغلبة النسيان ". (٢)

وممن قال بذلك من المفسرين: الزمخشري، وأبو حيان، والنيسابوري. (٣)


(١) تفسير السمعاني (٣/ ١٨٧).
(٢) التسهيل لعلوم التنزيل (١/ ٨٥٠).
(٣) انظر: الكشاف (٢/ ٦١٩)، والبحر المحيط (٥/ ٤١٩)، وغرائب القرآن (٤/ ٢٨٢).

<<  <   >  >>