للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المبحث الرابع: الاستنباطات الفقهية.

تعد الاستنباطات الفقهية من أكثر المواضيع التي تطرق إليها السمعاني في تفسيره وما كان ذلك إلا لدرايته رحمه الله بأن المسائل الفقهية هي أصل الاستنباط لأنها مرتبطة بأصول وقواعد فقهية ليس لكل أحد أن يستخرجها من نصوص القرآن أو السنة، قال السمعاني: " والفقه هو استنباط حكم المشكل من الواضح يقال فلان يتفقه إذا استنبط علم الأحكام وتتبعها من طريق الاستدلال، قال الله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ}، والدليل على أن التفقه أصل الاستنباط والاستدلال على الشيء بغيره حديث زياد بن لبيد (١) قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا وقال: " ذلك أوان ذهاب العلم " قلت: كيف يذهب العلم وكتاب الله عندنا نقرأه ونقرأه أبنائنا فقال (ثكلتك أمك يا زياد إن كنت لأراك من فقهاء المدينة أو من افقه رجل بالمدينة أو ليس اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل ولا يعلمون بشيء مما فيهما) (٢) فدل قوله (إن كنت أعدك من فقهاء المدينة) على أنه لما لم يستنبط علم ما أشكل عليه من ذهاب العلم مع بقاء الكتاب بما شاهده من زوال العلم عن اليهود والنصارى مع بقاء التوراة والإنجيل عندهم حرج عن الفقه فهذا يدل على ما ذكرناه من أن الفقه هو استنباط حكم المشكل من الواضح وعلى هذا قوله صلى الله عليه وسلم (رب حامل فقه غير فقيه) (٣) أي غير مستنبط ومعناه انه يحمل الرواية من غير أن يكون له استدلال ولا استنباط فيها ". (٤)


(١) هو زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر الأنصاري، يكنى أبا عبدالله، شهد العقبة وبدراً والخندق والمشاهد كلها، وأقام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة وحتى هاجر إلى المدينة، استعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حضرموت، توفي رضي الله عنه سنة ٦٨ هـ. انظر: الاستيعاب (٢/ ٥١٣)، والإصابة في تمييز الصحابة (٢/ ٥٨٦).
(٢) المستدرك على الصحيحين للحاكم، كتاب العلم، حديث (٣٣٩) (١/ ١٨٠)، حديث صحيح على شرط الشيخين. قال الألباني: حديث صحيح. انظر: مشكاة المصابيح، تحقيق الألباني (١/ ٥٩).
(٣) المستدرك على الصحيحين، كتاب العلم، حديث (٢٩٤) (١/ ١٦٢)، حديث صحيح على شرط الشيخين.
(٤) قواطع الأدلة (١/ ٢١).

<<  <   >  >>