للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تخصيص أولو العزم لأنهم كانوا هم أصحاب الشرائع.

قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [الأحزاب ٧].

• قال السمعاني - رحمه الله -: " وخص هؤلاء لأنهم كانوا أصحاب الشرائع وهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى ابن مريم، ومحمد ". (١)

الدراسة:

استنبط السمعاني من سبب تخصيص الأنبياء الخمسة عليهم السلام (محمد، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى) في هذه الآية، لكونهم أصحاب الشرائع، ولا يخفى أن هؤلاء الرسل عليهم السلام هم أولو العزم (٢) من الرسل، وإن كان من غير هؤلاء الخمسة رسل أتوا بشرائع، إلا أن أولو العزم هؤلاء هم مشاهير أرباب الشرائع.

ومما لا شك فيه أن هذه الخصلة جعلت لهم مزيد فضل وشرف، قال الشوكاني: "ووجه تخصيصهم بالذكر الإعلام بأن لهم مزيد شرف وفضل، لكونهم من أصحاب الشرائع المشهورة ومن أولي العزم من الرسل ". (٣)


(١) تفسير السمعاني (٤/ ٢٦١).
(٢) أولو العزم: هم أصحاب الجد والحزم والصبر على الشدائد والبلاء. انظر: النكت والعيون للماوردي (٥/ ٢٨٨)، والكشاف للزمخشري (٤/ ٣١٣)، ومعالم التنزيل للبغوي (٧/ ٢٧١).
(٣) وقد ذكر الرازي قولا لا يخالف الاستنباط السابق، بل ذكر بعض جزئيات من سبب شهرة هذه الشرائع، وبين أن السبب في تخصيص الأربعة مع نبينا صلى الله عليه وسلم لكون كلهم له ارتباط بهذه الأمة، أمة نبينا عليه الصلاة والسلام قال: " وخص بالذكر أربعة من الأنبياء وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى لأن موسى وعيسى كان لهما في زمان نبينا قوم وأمة فذكرهما احتجاجا على قومهما، وإبراهيم كان العرب يقولون بفضله وكانوا يتبعونه في الشعائر بعضها، ونوحا لأنه كان أصلا ثانيا للناس حيث وجد الخلق منه بعد الطوفان، وعلى هذا لو قال قائل فآدم كان أولى بالذكر من نوح فنقول خلق آدم كان للعمارة ونبوته كانت مثل الإرشاد للأولاد ولهذا لم يكن في زمانه إهلاك قوم ولا تعذيب، وأما نوح فكان مخلوقا للنبوة وأرسل للإنذار ولهذا أهلك قومه وأغرقوا ". انظر مفاتيح الغيب (٢٥/ ١٥٩).

<<  <   >  >>