للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإضافة الإمتاع إليهن بلام التمليك في قوله: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ} أظهر في الوجوب منه في الندب، وقوله: {عَلَى الْمُتَّقِينَ} تأكيد لإيجابها، لأن كل واحد يجب عليه أن يتقي الله في الإشراك به ومعاصيه " (١). وممن قال بهذا، الشافعي، والطبري، والجصاص، والكيا الهراسي، والشهاب الخفاجي، والشنقيطي (٢)، لكن حصل خلاف في قوله تعالى {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} هل يشمل المطلقات اللاتي ذكرن سابقا وهن اللاتي لم يفرض لهن ولم يمسسن، بيد أن الراجح أنه للعموم لعموم الأدلة. (٣)


(١) الجامع لأحكام القرآن (٣/ ٢٠٠)، وانظر: التسهيل لعلوم التنزيل (١/ ١٢٢)، واللباب في علوم الكتاب (١/ ٨٠٦)، وفتح القدير (١/ ٣٣٩). وقال الجصاص عن الآيات المستنبط منها فقد حوت هذه الآيات الدلالة على وجوب المتعة من وجوه أحدها قوله تعالى فَمَتِّعُوهُنَّ لأنه أمر والأمر يقتضى الوجوب حتى تقوم الدلالة على الندب والثاني قوله تعالى: (مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِين) وليس في ألفاظ الإيجاب آكد من قوله حقا عليه والثالث قوله تعالى: (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) تأكيد لإيجابه إذ جعلها من شرط الإحسان وعلى كل أحد أن يكون من المحسنين وكذلك قوله تعالى: {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} قد دل قوله حقا عليه على الوجوب وقوله تعالى (حَقًّا) تأكيدا لإيجابها. انظر: أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٤٣٧).
وقال الشنقيطي رادا على من قال بأن الأمر للندب: وقولهم لو كانت واجبة لعين القدر الواجب فيها، ظاهر السقوط. فنفقة الأزواج والأقارب واجبة ولم يعين فيها القدر اللازم، وذلك النوع من تحقيق المناط مجمع عليه في جميع الشرائع كما هو معلوم. انظر: أضواء البيان (١/ ١٥١).
(٢) انظر: أحكام القرآن للشافعي (١/ ٢٠١)، وجامع البيان (٢/ ٢٣)، وأحكام القرآن للجصاص (٢/ ١٣٧)، أحكام القرآن للكيا الهراسي (١/ ٢٠٢)، وحاشية الشهاب الخفاجي (٢/ ٣٢٣)، وأضواء البيان (١/ ١٥١).
(٣) في قوله تعالى: (مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) اختلف العلماء في وجوب المتعة للمطلقات على أربعة أقاويل:
أحدها: أنها واجبة لكل مطلقة، وهو قول الحسن، وأبي العالية.
والثاني: أنها واجبة لكل مطلقة إلا غير المدخول بها، فلا متعة لها، وهو قول ابن عمر، وسعيد بن المسيب.
والثالث: أنها واجبة لغير المدخول بها إذا لم يُسمّ لها صداق، وهو قول الشافعي.
والرابع: أنها غير واجبة، وإنما الأمر بها ندب وإرشاد، وهو قول شريح، والحكم. انظر للإستزادة والتفصيل: النكت والعيون للماوردي (١/ ٣٠٥)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (١/ ٦٦٠)، ومفاتيح الغيب (٦/ ٤٧٦)، ولباب التأويل (١/ ١٧٠)، وزاد المسير (١/ ٢٣٩).

<<  <   >  >>