للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بين فقهاء الأمصار وعامّةِ السلف في جوازه في الحضر" (١). وممن قال به أيضاً، الكيا الهراسي، والقرطبي، وأبو حيان، والطوفي، والسيوطي، والعثيمين. (٢)

المخالفون:

احتج الظاهرية على أن الرهن لا يجوز في الحضر بمفهوم قوله عز وجل {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ}. وكان استنباطهم الخاطئ عن طريق مفهوم المخالفة من قبيل المفهوم بالشرط، ووجه استنباطهم هذا أن الله علق جواز الرهن بوجود السفر فدل على أنه لا يجوز في الحضر. بل وقد استنبط أيضًا استنباطًا باطلًا من هذه الآية بالقول بأن الرهن لا يجوز إلا في السفر شريطة أن لا يوجد كاتب قاله الظاهرية، وقد وافقوا بذلك ابن مجاهد والضحاك. (٣)

النتيجة:

بعد تتبع أقوال الفريقين يكون ما ذهب إليه السمعاني ومن وافقوه هو عين الصواب، وأما قول المخالفين فيبطله أيضا إضافةً لما سبق الحديثُ الصحيحُ المرويُ عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: " تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير ". (٤) وما كان ذلك إلا في دار إقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي المدينة، ولم يكن ذلك في سفره، والله أعلم.


(١) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٢٥٨).
(٢) انظر: أحكام القرآن للكيا الهراسي (٢/ ٢٦٢)، والجامع لأحكام القرآن (٣/ ٤٠٧)، والبحر المحيط (٢/ ٧٤٢)، والإشارات الإلهية في المباحث الأصولية (١/ ٣٧٠)، والإكليل في استنباط التنزيل للسيوطي ص ٦٥، وتفسير القرآن العظيم لابن عثيمين (٥/ ٥٣٦).
(٣) انظر: مفاتيح الغيب (٧/ ١٠٤)، وانظر: الإكليل للسيوطي ص ٦٥.
(٤) رواه البخاري في صحيحه (مع الفتح) في الجهاد والسير: باب ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم والقميص في الحرب (٦/ ١١٦).

<<  <   >  >>