للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا بالغرق إلى غير ذلك من الأسباب والله سبحانه خلق الموت والحياة وخلق سبب الموت والحياة، وقول المعتزلة باطل لأنه لا يليق أن ينسب إلى الله تعالى أنه جعل له أجلا يعلم أنه لا يعيش إليه البتة أو يجعل أجله أحد الأمرين ". (١)

وقال أبو حيان: " وفي هذا - أي هذه الآية - دليل على أن كل امرئ له أجل واحد لا يتعداه ". (٢) وقال الألوسي: " وظاهر الآية يؤيد مذهب أهل السنة القائلين بأن المقتول ميت بأجله أي بوقته المقدر له وأنه لو لم يقتل لجاز أن يموت في ذلك الوقت وأن لا يموت من غير قطع بامتداد العمر ولا بالموت بدل القتل إذ على تقدير عدم القتل لا قطع بوجود الأجل وعدمه فلا قطع بالموت ولا بالحياة ". (٣) وقد وافق السمعاني في ذلك علماء العقيدة والمفسرين، وممن قال به أبو السعود، والسفاريني (٤)، والسعدي وغيرهم. (٥)


(١) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (١/ ١٤٢).
(٢) البحر المحيط (٣/ ٧١). وقد بين الرازي لإبطال شبهة هؤلاء المعتزلة بالرد عليهم من هذه الآية قال: "ولو قلنا أنه لا يدخل الشيء في الوجود إلا بقضاء الله وقدره، اعترفنا بأن الكافر لا يقتل المسلم إلا بقضاء الله، وحينئذ لا يبقى بين القتل وبين الموت فرق، فيصح الاستدلال أما إذا قلنا بأن فعل العبد ليس بتقدير الله وقضائه، كان الفرق بين الموت والقتل ظاهراً من الوجه الذي ذكرتم، فتفضي إلى فساد الدليل الذي ذكره الله تعالى، ومعلوم أن المفضي إلى ذلك يكون باطلا، فثبت أن هذه الآية دالة على أن الكل بقضاء الله. " انظر: مفاتيح الغيب (٩/ ٤٢٥)، وللاستزادة انظر: أيضا اعتقاد أهل السنة للخميس (١/ ١٦٢)، وانظر: مقالات الإسلاميين (١/ ٤٠٨)، وانظر: الفصل في الملل والنحل (٣/ ٤٩) الإنتصار في الرد على القدرية والمعتزلة (١/ ٢٤١).
(٣) روح المعاني (٢/ ٢٩٠).
(٤) هو محمد بن أحمد بن سالم السفاريني، أبو العون، عالم بالحديث والأصول والأدب، ولد في سفارين من قرى نابلس، ورحل إلى دمشق، وأخذ عن علمائها، من كتبه: لوامع الأنوار البهية، كشف اللثام في شرح عمدة الأحكام، توفي رحمه الله سنة ١١٨٨ هـ في مدينة نابلس.
(٥) انظر: لوامع الأنوار البهية للسفاريني (١/ ٣٤٩)، وإرشاد العقل السليم لأبي السعود (١/ ٤٧٧)، وتفسير السعدي ص ١٥٣. وقد ذكر المعتزلة شبها لتأييد باطلهم بقولهم أن الأحاديث التي وردت في السنة المطهرة كزيادة العمر مثل (من أحب أن ينسأ له في أثره ويبسط له في رزقه فليصل رحمه) أن في ذلك إثبات أن له أجلان لكن الله غير ذلك الأجل المقدر له إلى أجل آخر من أجل ذك السبب. ورد عليهم ابن أبي العز مبطلا قولهم قائلا " وقد قدر الله أن هذا يصل رحمه فيعيش بهذا السبب إلى هذه الغاية ولولا ذلك السبب لم يصل إلى هذه الغاية ولكن قدر هذا السبب وقضاه وكذلك قدر أن هذا يقطع رحمه فيعيش إلى كذا ... ". انظر: شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (١/ ١٤٢).

<<  <   >  >>