للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرؤية في نفسها جائزة وإنما قلنا ذلك لأنه تعالى علق رؤيته على استقرار الجبل ". (١)

وممن قال بذلك أيضاً: الماوردي، والبيضاوي، وأبو السعود، والشنقيطي. (٢)

المخالفون:

خالف ابن عاشور السمعاني بالقول بعدم جواز رؤية الله بالكلية في الدنيا بحجة علم الله سبحانه بإنتفاء الجبل وعدم استقراره كلياً، قال رحمه الله: " وعلق الشرط بحرف (إن) لأن الغالب استعمالها في مقام ندرة وقوع الشرط أو التعريض بتعذره، ولما كان استقرار الجبل في مكانه معلوما لله انتفاؤه، صح تعليق الأمر المراد تعذر وقوعه عليه بقطع النظر عن دليل الانتفاء، فلذلك لم يكن في هذا التعليق حجة لأهل السنة على المعتزلة تقتضي أن رؤية الله تعالى جائزة عليه تعالى، خلافاً لما اعتاد كثير من علمائنا من الاحتجاج بذلك ". (٣)

وقد وافقه الألوسي، والشوكاني، ومحمد أبو زهرة على ذلك. (٤)

النتيجة:

ماذهب إليه السمعاني ومن وافقوه هو الأقرب للصواب، وذلك لأن حجة المخالف لا تعدو إلا أن تكون ظنية، وليس لها مستند ولا دليل، لأنها لما كانت الرؤية ممتنعة شرعا بينت نصوص القرآن كما في هذه الآية، وغيرها مما ثبت في السنة من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا) (٤)، كما أنه لو كانت الرؤية ممتنعة عقلا لما جعل الله موسى أمام أمرين، بدا لموسى أنه قد يحصل هذا أو هذا (٥). والله أعلم.


(١) لباب التأويل (٢/ ٢٤٥).
(٢) انظر: النكت والعيون (٢/ ٢٥٧)، وأنوار التنزيل (٣/ ٥٧)، وإرشاد العقل السليم (٣/ ٣٨)، وأضواء البيان (٣/ ١٠).
(٣) التحرير والتنوير (٨/ ٢٧٦).
(٤) انظر: روح المعاني (٥/ ٤٧)، وفتح القدير (٣/ ٨٨)، وزهرة التفاسير (١/ ٢٦١٦).
(٥) رواه النسائي في سننه - كتاب التعبير - باب المعافاة والعقوبة - حديث ٧٧٦٤ (٤/ ٤١٩). قال الألباني حديث صحيح، انظر: الجامع الصحيح وزيادته (١/ ٤٠٨).
(٥) انظر: أضواء البيان للشنقيطي (٣/ ١٠).

<<  <   >  >>