للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووجه استنباطه هنا أنه سبحانه ذكر حرف العطف الفاء الدال على التعقيب، بعد السلام مباشرة من غير لبث ولا تأخر في إكرامه عليه السلام لأضيافه.

قال القرطبي: " في هذه الآية من أدب الضيف أن يعجل قراه، فيقدم الموجود الميسر في الحال، ثم يتبعه بغيره إن كان له جدة، ولا يتكلف ما يضر به ". (١)

وممن ذكر ذلك الاستنباط من المفسرين: ابن كثير، وابن عادل الحنبلي، والألوسي، وابن عاشور. (٢)

وقد استنبط بعض المفسرين استنباطا لطيفا آخر يصب في مصب الأول نحو إكرام الضيف وهو أنه من أدب إكرام الضيف عدم مشاورته في إكرامه من تقديم طعام ونحوه، خشية أن يستحي الضيف أو أن يكون ذلك سببا في إحراجه، قال ابن القيم: " ومن كرم رب المنزل المضيف أن يذهب في اختفاء بحيث لا يشعر به الضيف فيشق عليه ويستحي فلا يشعر به إلا وقد جاءه بالطعام بخلاف من يسمع ضيفه ويقول له أو لمن حضر مكانكم حتى آتيكم بالطعام ونحو ذلك مما يوجب حياء الضيف واحتشامه". (٣)

وممن ذكر هذا الاستنباط من المفسرين الذي صب في مصب الاستنباط الأول: الزمخشري، وأبو حيان، والنسفي، والصاوي (٤)، والألوسي. (٥)


(١) الجامع لأحكام القرآن (٩/ ٦٤).
(٢) انظر: اللباب في علوم الكتاب (١/ ٤٦٦١)، وتفسير القرآن العظيم (٧/ ٤٢١)، وروح المعاني (٦/ ٢٩١)، والتحرير والتنوير (١١/ ٢٩٤).
(٣) جلاء الأفهام (١/ ٢٧٢).
(٤) الصاوي: هو أحمد بن محمد الخلوتي، الشهير بالصاوي، فقيه مالكي، نسبته إلى (صاء الحجر) في إقليم الغربية، بمصر، له مؤلفات منها حاشية على تفسير الجلالين، وبلغة السالك لاقرب المسالك في فروع الفقه المالكي، ولد عام ١١٧٥ هـ، وتوفي عام ١٢٤١ هـ. انظر: الأعلام للزركلي (١/ ٢٤٦)، ومعجم المؤلفين (٢/ ١١١).
(٥) انظر: الكشاف (٤/ ٤٠١)، والبحر المحيط (٩/ ٥٥٥)، ومدارك التنزيل (٣/ ٣٥٩)، وحاشية الصاوي على الجلالين (٥/ ٣٤٧)، وروح المعاني (١٤/ ٦٣).

<<  <   >  >>