للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذكر السمعاني من قوله تعالى {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ}، وقوله تعالى {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، أن للقاتل عمدا توبه، واستنباطه ذلك بدلالة مفهوم الموافقة، وذلك لأن الله يتوب على من أشرك إذا تاب، فمن باب أولى التوبة على من فعل دون ذلك وهو القتل العمد. (١)

وقد وافق السمعاني جمهور المفسرين والفقهاء على هذا الاستنباط، قال الجصاص: " وفي ذلك دليل على أن توبة القاتل مقبولة لأنهم قالوا وتكونوا من بعده قوما صالحين وحكاه الله عنهم ولم ينكره عليهم ". (٢) وممن ذكر هذا


= أما جمهور الأمة -سلفاً وخلفاً- فيرون أن القاتل له توبةً فيما بينه وبين الله، فإن تاب وأناب وعمل صالحاً بدل الله سيئاته حسنات، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}، وقوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا}، قال أبو هريرة وغيره: (هذا جزاؤه إن جازاه)، والقول الجامع لهذه الأقوال أن هناك حقوق على القاتل منها ما يسقط بعد التوبة ومنها ما لا يسقط، فأما حق أولياء المقتول فإنه يسقط بالقصاص أو بدفع الدية، وأما حق الله جل وعلا فإنه يسقط بالتوبة، ويبقى حق المقتول لابد من أدائه، ولابد أن تؤدى الحقوق إلى أصحابها، لأنه يأتي يوم القيامة ممسكاً قاتله فيقول: يا رب .. اسأل هذا فيم قتلني؟ فهل يضيع حقه؟ لا. لن يضيع حقه. للاستزادة انظر: مجموع الفتاوى (٣٤/ ١٣٨)، وشرح كتاب التوحيد للغنيمان (٣/ ٧٥).
(١) انظر: تفسير السمعاني (١/ ٤٦٤).
(٢) أحكام القرآن للجصاص (٤/ ٣٨١).

<<  <   >  >>