للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

القول الثاني: وهذا القول هو الذي ارتضاه السمعاني، وحسنه، وهو أن سبب تقديم المرأة على الرجل أن المرأة تكون فيها الشهوة أكثر من الرجل فلهذا ابتدأ بها حتى ترتدع.

وقد وافق السمعاني على هذا جمع من المفسرين مع زيادة بعضهم أن المرأة هي التي بيدها الحل والربط في تمكين الرجل منها أو عدمه، من تعرضها له، قال السمرقندي: "بدأ بالنساء، لأن الزنى في النساء أكثر، وهنَّ الفاتنات للرجال " (١). وقال في موضع آخر: " إنما بدأ بالمرأة، لأنها أحرص على الزنى من الرجال، ويقال: لأن الفعل ينتهي إليها، ولا يكون إلا برضاها ". (٢)

وقد أشار إلى ذلك من المفسرين: الماوردي، وابن العربي، وابن عطية، والزمخشري، والبيضاوي، والنسفي، وابن جزي، وابن عاشور، وغيرهم. (٣)

ومما سبق يتبين أنه لا منافاة بين ما استنبط، فالمرأة ضعيفة بحيث أنه قد يرق عليها عند إقامة الحد عليها، وأيضا تعرضها للرجل أكثر لكون شهوتها أشد فلهذا قدمت على الرجل، والله أعلم.

وقد ذكر ابن القيم أيضا أوجها أخرى في سبب تقديم المرأة على الرجل غير ما ذكر قال رحمه الله: " وهذا في غاية المناسبة - أي تقديم الزانية على الزاني- لأن الزنى من المرأة أقبح منه بالرجل، لأنها تزيد على هتك حق الله إفسادَ فراش بعلها، وتعليق نسب من غيره عليه، وفضيحة أهلها وأقاربها والجناية على محض حق


(١) بحر العلوم (١/ ٤٧٣).
(٢) بحر العلوم (٣/ ١٩٦).
(٣) انظر: النكت والعيون (٤/ ٧١)، وأحكام القرآن لابن العربي (٥/ ٤٨٠)، والمحرر الوجيز (٥/ ٤٦)، والكشاف (٣/ ٢١٢)، وأنوار التنزيل (٤/ ١٧٢)، ومدارك التنزيل (١/ ٢٨٧)، والتسهيل لعلوم التنزيل (٣/ ٥٨)، والتحرير والتنوير (١٨/ ١١٨).

<<  <   >  >>