للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآبًا}، وفي السنة الأحاديث الكثر الدالة على أسبقية خلق الجنة والنار، ومنها ما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة). (١) وأيضا حديث: (اشتكت النار إلى ربها فقالت رب أكل بعضي بعضا فأذن لي بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فأشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير (٢)). (٣)

قال ابن أبي العز: " فاتفق أهل السنة على أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن ولم يزل أهل السنة على ذلك حتى نبغت نابغة من المعتزلة والقدرية فأنكرت ذلك وقالت: بل ينشئهما الله يوم القيامة ". (٤)

وعندما خالف المعتزلة والقدرية معتقد أهل السنة والجماعة في قولهم بأسبقية خلق الجنة والنار، فإنه لم تكن لهم حجة إلا أنهم قالوا: أنه لا حاجة إليها، وإنما حاجتهما في الآخرة، فإيجادها قبل وقتها عبث، وقالوا أيضا بأنها لو كانت مخلوقة لوجب أن تفنى وينقطع أكلها لقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} فوجب أن لا تكون الجنة مخلوقة. (٥)

ومن صريح الأدلة السابقة واتفاق من سلمت معتقداتهم من أهل السنة والجماعة يتبين سلامة استنباط السمعاني ومن وافقه من جملة المفسرين، وبطلان قول المعتزلة وذلك بأسبقية خلق الجنة والنار.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الجنائز - باب الميت يعرض عليه بالغذاة والعشي - حديث ١٣١٣ (١/ ٤٦٤).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب بدأ الخلق - باب صفة النار وأنها مخلوقة - حديث ٣٠٨٧ (٣/ ١١٩٠).
(٣) للاستزادة انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل (٤/ ٦٨)، وحادي الأرواح لابن القيم (١/ ١١)، وحاشية الشهاب للخفاجي (٣/ ٦٢).
(٤) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (١/ ٤٢٠).
(٥) انظر: حادي الأرواح لابن القيم (١/ ١١)، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (١/ ٤٢٠ - ٤٢٣)، والمباحث الأصولية (١/ ٢٤٩).

<<  <   >  >>