للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد استدلّ الآمدي على كون مفهوم الموافقة حجة بأنه: إذا قال السيد لعبده: لا تعطِ زيداً حبة ولا تقل له أفٍّ، ولا تظلمه بذرة، ولا تعبس في وجهه؛ فإنه يتبادر إلى الفهم من ذلك امتناع إعطاء ما فوق الحبة، وامتناع الشتم، وامتناع الظلم بالدينار وما زاد، وامتناع أذيته بما فوق العبوس من هجره الكلام وغيره (١).

وقد حوت استنباطات السمعاني على النوع الأول من أنواع دلالات مفهوم الموافقة، وهو دلالة فحوى الخطاب، ومن الأمثلة على ذلك:

- ما ذكره عند تفسيره لقوله تعالى: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}.

قال السمعاني - رحمه الله -: " .. والذي عليه الأكثرون وهو مذهب أهل السنة: أن لقاتل المؤمن عمدا توبة، والدليل عليه قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ} وقوله: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ولأن القتل العمد ليس بأشد من الكفر، ومن الكفر توبة، فمن القتل أولى ". (٢)

- ما ذكره عند تفسيره لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات ١٠].

قال السمعاني - رحمه الله -: وقوله: " {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} ذكر الأخوين ليدل بوجوب الإصلاح بينهما على وجوب الإصلاح بين الجمع الكثير ". (٣)


(١) انظر: الإحكام للآمدي (٣/ ٩٦) بتصرف يسير، وللاستزادة انظر: دلالات وطرق الاستنباط للكندي (ص ٢٥٧).
(٢) انظر: تفسير السمعاني (١/ ٤٦٤)، والاستنباط رقم (٦٧).
(٣) انظر: تفسير السمعاني (٥/ ٢٢١)، والاستنباط رقم (١٠٥).

<<  <   >  >>