للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال القرطبي: " وخص الله تعالى المتقين بهدايته وإن كان هدى للخلق أجمعين تشريفا لهم لأنهم آمنوا وصدقوا بما فيه ". (١)

وقد أشار إلى ذلك الاستنباط جل المفسرين لوضوحه وعدم الاختلاف فيه أمثال: السمرقندي، والقشيري (٢)، والكيا الهراسي (٣)، وابن الجوزي، وأبو حيان، وأبو السعود وغيرهم. (٤)

وزاد الرازي بأن سبب التخصيص لأنهم في معرض المدح والتشريف ولاعتبار سياق الآيات التي تلي هذا الوصف كانت في وصف بعض صفات هؤلاء المتقين، ليقتدى، ويتأسى بهم. (٥)

وقد ذكر بعض المفسرين لفتة رائعة بأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه، وفائدة التخصيص في هذه الآية إنما هي التشريف لا التفرد بالهدى دون من سواهم. (٦)

مما سبق يتبين أن هذا التخصيص تشريف لهذه الطائفة المباركة ولانتفاعهم من نهل القرآن والتأسي بما فيه من خلق كريم، والندب والشروع بأوامره، والانتهاء عن زواجره، جعلنا الله وإياكم من أوليائه وأصفيائه وأتقيائه، إنه ولي ذلك والقادر عليه سبحانه.


(١) الجامع لأحكام القرآن (١/ ١٦١).
(٢) القشيري: هو عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة النيسابوري القشيري، من بني قشير ابن كعب، أبو القاسم، زين الاسلام، شيخ خراسان في عصره، زهدا، وعلما بالدين، ولد سنة ٣٧٦ هـ، من كتبه: التيسير في التفسير، ولطائف الاشارات، والرسالة القشيرية، توفي في نيسابور سنة ٤٥٦ هـ. انظر: طبقات المفسرين للسيوطي (١/ ٦١)، والأعلام للزركلي (٤/ ٥٧).
(٣) الكيا الهراسي: هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي الطبري، الملقب بعماد الدين، المعروف بالكيا الهراسي، الفقيه، الشافعي، توفي سنة ٥٠٤ هـ. انظر: وفيات الأعيان لابن خلكان (٣/ ٢٨٩).
(٤) انظر: بحر العلوم (١/ ٨)، ولطائف الإشارات للقشيري (١/ ٤٧٤)، وأحكام القرآن للكيا الهراسي (١/ ٥٦)، وزاد المسير (١/ ١٠)، والبحر المحيط (١/ ١٦١)، وإرشاد العقل السليم (١/ ٢٨).
(٥) انظر: مفاتيح الغيب (٢/ ٣٠)، وقد بين ابن عاشور وصفه للمتقين في معانيه الثلاثة للماضي والحاضر والمستقبل، انظر التحرير والتنوير (١/ ٢٣٨)، وأيضا انظر معاني التقوى عند ابن الجوزي، زاد المسير (١/ ١٠).
(٦) انظر: مفاتيح الغيب (٢/ ١٤٢)، واللباب غي علوم الكتاب (١/ ٤٨٧).

<<  <   >  >>