للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ وَجَبَ .. فَهُوَ قِيمَةُ الْمَوْهُوبِ فِي الأَصَحِّ، فَإِنْ لَمْ يُثِبْهُ .. فَلَهُ الرُّجُوعُ. وَلَوْ وَهَبَ بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ

===

الثاني: طرد القولين السابقين؛ لأن الأقران لا يتحمل بعضهم من بعض عادة، بل يعوضون، بل بعضهم ينتظر الثواب من البعض، والثالث: إن قصد الثواب .. استحقه، وإلا .. فقولان.

(فإن وجب) الثواب ( .. فهو قيمة الموهوب في الأصحِّ) لأن العقد إذا اقتضى العوض ولم يسم فيه .. وجبت فيه القيمة؛ كالنكاح، وعلى هذا: فالأصحُّ: اعتبار قيمته وقتَ القبض لا وقت الثواب.

ولا يتعين للثواب جنس من الأموال، بل الخيرة فيه للمتهب قطعًا.

فكان ينبغي للمصنف أن يقول: (قدر قيمة الموهوب) كعبارة "المحرر" (١)؛ لئلا يظن أن الواجب القيمةُ بعينها؛ إذ لو أرادها .. لباعه، وقد يكون الموهوب مثليًّا.

ولا يفهم من قوله: (وجب) تحتم الإثابة، وإجباره عليها؛ كالثمن، بل المتهب بالخيار إذا طلب الواهب القيمة؛ إن شاء .. أثاب، وإن شاء .. ردَّ الموهوب، فإن لم يطلبها .. لم يكن له الردُّ، وليس للواهب استرجاعُ الموهوب إذا طلب الواهب القيمة، ومقابل الأصحِّ أوجه: ما يعد ثوابًا لمثله عادة، وقيل: أقل متمول، وقائله لم يعمل بمقتضى اللفظ، فلم يوجب عوضًا ألبتة، ولا بمقتضى العرف؛ إذ يستقبح أهل العرف دفع أقلِّ متمول عند إهداء الكثير، وقيل: ما يرضى به الواهب؛ لحديث ورد فيه (٢).

(فإن لم يُثبه .. فله) أي: للواهب (الرجوع) لحديث: "مَنْ وَهَبَ هِبَةً .. فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا" صححه الحاكم (٣).

هذا إذا كان الموهوب بحاله، فإن كان تالفًا .. رجع إلى بدله في الأصحِّ.

(ولو وهب بشرط ثوابٍ معلوم) كـ (وهبتك هذا على أن تثيبني كذا) ( ..


(١) المحرر (ص ٢٤٦).
(٢) أخرجه ابن حبان (٦٣٨٢)، والترمذي (٣٩٤٥)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) المستدرك (٢/ ٥٢) عن ابن عمر رضي الله عهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>