للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَالأَظْهَرُ: صِحَّةُ الْعَقْدِ، ويكُونُ بَيْعًا عَلَى الصحِيحِ، أَوْ مَجْهُولٍ .. فَالْمَذْهَبُ: بُطْلَانُهُ. وَلَوْ بَعَثَ هَدِيَّةً فِي ظَرْفٍ؛ فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ؛ كَقَوْصَرَّةِ تَمْرٍ .. فَهُوَ هَدِيَّةٌ أَيضًا، وَإِلَّا .. فَلَا

===

فالأظهر: صحة العقد) نظرًا إلى المعنى؛ فإنه معاوضة بمال معلوم فصحَّ؛ كما لو قال: (بعتك)، والثاني: بطلانه؛ نظرًا إلى اللفظ؛ لتناقضه، فإن لفظ الهبة يقتضي التبرع.

(ويكون بيعًا على الصحيح) نظرًا إلى المعنى، فتثبت أحكامه؛ من الشفعة والخيارين وغيرها، والثاني: يكون هبة؛ نظرًا إلى اللفظ، فتثبت فيه أحكامها؛ من اعتبار القبض في اللزوم وغيره، قال الإمام: وهو بعيد جدًّا، ولو صحَّ .. لم يكن في دفع الشفعة حيلة أوقع من هذه؛ لسلامتها من الخطر (١).

(أو مجهولٍ) كـ (وهبتك هذا الفرس بعبد) ( .. فالمذهب: بطلانه) لأنه خالف موجب البيع لجهالة العوض، والهبة بإثباته.

وملخص الخلاف في المسألة: أنّا إن قلنا: إن الهبة لا تقتضي ثوابًا .. فالعقد باطل؛ لتعذر تصحيحه بيعًا وهبة، وإن قلنا: يقتضيه .. صحَّ على المذهب، وبه قطع الجمهور؛ لأنه تصريح بمقتضى العقد.

وقيل: يبطل؛ بناء على أن العوض يلحقه بالبيع، وإذا كان بيعًا .. وجب أن يكون العوض معلومًا، قال الرافعي: (والأولون يقولون: إنما يجعل بيعًا على رأي إذا تعذر جعله هبة، وذلك إذا قلنا: الهبة لا تقتضي الثواب، أما إذا قلنا: تقتضيه .. فاللفظ والمعنى متطابقان، فلا معنى لجعله بيعًا) (٢).

(ولو بعث هدية في ظرف؛ فإن لم تجر العادة برده؛ كقَوْصَرَّة تمر .. فهو هدية أيضًا، وإلا .. فلا) تحكيمًا للعادة، ومثله: علب الفاكهة والحلوى ونحوها.

و(القوصرة): بتشديد الراء على الأفصحِ: وعاء التمر، ولا يُسمَّى بذلك إلا وفيها التمر، وإلا .. فهو زِنْبِيل.


(١) نهاية المطلب (٨/ ٤٣٧).
(٢) الشرح الكبير (٦/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>