للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ .. قَامَ الْمُسْلِمُونَ بِكِفَايَتِهِ قَرْضًا، وَفِي قَوْلٍ: نَفَقَةً. وَلِلْمُلْتَقِطِ الاسْتِقْلَالُ بِحِفْظِ مَالِهِ فِي الأَصَحِّ، وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي قَطْعًا

===

والقول الثاني: يستقرض له الإمام من بيت المال أو من آحاد الناس، فإن تعذّر .. جمع الأغنياء وعدّ نفسه منهم وقسّطها عليهم؛ لأن مال بيت المال يصرف إلى ما لا وجه له سواه، واللقيط يجوز أن يكون رقيقًا، فنفقته على سيده، أو حرًّا له مال أو قريب، فنفقته في ماله أو على قريبه.

(فإن لم يكن) في بيت المال شيء، أو كان ثَمّ ما هو أهم منه؛ كسد ثغر يعظم ضرره لو ترِك ( .. قام المسلمون بكفايته) إذ لا يحلّ تضييعه (قرضًا) كما يُبذَل الطعام للمضطر بالعوض، فإن بان رقيقًا .. رجعوا على سيده، أو حرًّا وله مال أو قريب .. فالرجوع عليه، فإن لم يكن له قريب ولا مال ولا كسب .. قضى الإمام حقّهم من بيت المال من سهم الفقراء والمساكين والغارمين كما يراه، كذا قاله الرافعي، قال في "زيادة الروضة": اعتباره القريبَ غريبٌ قلَّ من ذكره، وهو ضعيف؛ فإن نفقة القريب تسقط بمضي الزمان (١).

قال الأَذْرَعي: وهذا الاعتراض ضعيف جدًّا، والرجوع على القريب الموسر بالقرض صحيح؛ فإنه في نفس الأمر اقتراض عليه وإنفاق عنه؛ كما في حقِّ السيد، فلا سقوط.

وممن صرح بالرجوع أصحاب "الحاوي" و"البحر" و"المهذب" و"البيان" (٢)، وعزي للقاضي الحسين، ولا أحسب فيه خلافًا.

(وفي قول: نفقةً) لأنه محتاج عاجز؛ كالمجنون والصغير والزمِن.

(وللملتقطِ الاستقلال بحفظ ماله في الأصحِّ) لأنه مستقل بحفظ المالك، فمالُه أولى، والثاني: لا بدّ من إذن القاضي؛ لعدم ولايته عليه.

(ولا ينفق عليه منه إلا بإذن القاضي قطعًا) لأن ولاية المال لا تثبت للقريب غير الأب، والجد، فالأجنبي أولى، فإن أنفق بغير إذنه .. ضمن.


(١) الشرح الكبير (٦/ ٣٩١)، روضة الطالبين (٥/ ٤٢٥).
(٢) الحاوي الكبير (٩/ ٤٧٥)، المهذب (١/ ٥٦٨)، البيان (٨/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>