المذهب .. فهي مسألة ما إذا أودع الأمينَ مع القدرة على الحاكم، وفيها وجهان؛ وقضيته: ترجيح التضمين.
(ولو سافر بها .. ضمن) لأن حرز السفر دون حرز الحضر، هذا إذا أودع حاضرًا، فإن أودع مسافرًا فسافر بها، أو منتجعًا فانتجع بها .. فإنه لا ضمان؛ لأن المالك رضي بذلك حين أودعه مع العلم بحاله، (إلا إذا وقع حريق أو غارة وعجز عمن يدفعها إليه كما سبق) أي: من المالك أو وكيله ثم الحاكم ثم أمين؛ فإنه لا يضمن؛ لقيام العذر، ويلزمه السفر بها حينئذ، وإلا .. كان مضيعًا لها.
وقضيته: أنه لا بدَّ في نفي الضمان من اجتماع الأمرين؛ العذر المذكور، والعجز عمن يدفعها إليه، وليس كذلك؛ فالعجز كافي، فلو سافر بها عند العجز من غير عذر من حريق ونحوه .. لم يضمن على الأصحِّ؛ لئلا ينقطع عن مصالحه وينفر الناس عن قبول الودائع.
(والحريقُ والغارة في البقعة، وإشرافُ الحرز على الخراب)(ولم يجد هناك حرزًا آخر ينقلها إليه ( .. أعذار؛ كالسفر) في جواز الإيداع كما سبق؛ لظهور العذر.
والغارة لغة قليلة، والأفصح: الإغارة.
(وإذا مرض مرضًا مَخُوفًا .. فليردها إلى المالك أو وكيله) المطلق أو في قبضها، (وإلا) أي: وإن لم يمكنه ردها إلى أحدهما ( .. فالحاكمِ أو أمينٍ) إن عجز عن الحاكم، (أو يوصي بها) إلى الحاكم إن أمكنه، أو إلى آمين؛ كما لو أراد سفرًا.
وقيل: تكفي الوصية وإن أمكن الرد إلى المالك، قال الزركشي: وهو حسن وسيأتى النص يشهد له؛ لأن الأصل عدمُ الموت.
والمراد بالوصية بها: أن يعلم بها ويصفها بما تتميز به، أو يشير إلى عينها ويأمر الوصي بردها بعد موته من غير أن يخرجها من يده، فإن سلّمها إلى الوصي ليردها ..