للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ .. ضمِنَ، إِلَّا إِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ، بِأَنْ مَاتَ فَجْأَةً

===

كان في حكم الإيداع، ولا بدّ مع ذلك من الإشهاد على ما يفعله؛ صونًا لها عن الإنكار، حكاه الرافعي عن الغزالي وأقره، وأسقطه من "الروضة"، وجزم به في "الكفاية" (١).

قال الأَذْرَعي: والظاهر: أن كلَّ حالة يعتبر فيها الوصية من الثلث مما سبق .. كالمرض المخُوف ههنا، فمن ذلك: الطلق، والأسر، والطاعون، وهيجان البحر، كما سبق بيانه، وفي "الروضة" و"أصلها" هنا: أن الحبس ليقتل كالمرض المخوف (٢)، وهذا قد يخالف كلامهم في الوصية، حيمث عدوا من المخوف التقدّمَ للقتل، فمقتضاه: أن ما قبل ذلك من الحبس ليس بمخوف.

قال البُلْقيني: ويمكن أن يفرق: بأن وقتَ التقديم للقتل وقتُ دهشة، فلو قلنا: له أن يؤخر الوصية إليه ثم تركها وضمناه .. لم يوف له بعذر الدهشة، وإن قلنا: يؤخر ثم إذا ترك لا يضمن .. لكنا مضيعين لحق مالك الوديعة، فمن أجل ذلك جُعِل وقتُ وصيته ما ذكره الأصحاب، وأما كونه في هذه الحالة لا يحسب تبرعه من الثلث .. فلأن بدنه صحيح ولم يغلب على ظنه حصول الهلاك، بخلاف ما إذا قُدّم للقتل؛ فإنه يغلب ذلك، فكان تبرعه فيه من الثلث. انتهى

(فإن لم يفعل) ما ذكر ( .. ضمن) لتقصيره، فإنه عرّضها للفوات؛ إذ الوارث يعتمد يده ويدّعيها له، وقيد ابن الرفعة ذلك: بما إذا لم يكن بالوديعة بينة باقية؛ لأنها كالوصية (٣).

(إلا إذا لم يتمكن؛ بأن مات فجأة) أو قُتل غِيلة؛ لانتفاء التقصير (٤) (وهذا الاستثناء منقطع؛ فإنه لم يدخل في قوله: (وإذا مرض مرضًا مخوفًا).


(١) الشرح الكبير (٧/ ٢٩٧)، روضة الطالبين (٦/ ٣٢٩)، كفاية النبيه (١٠/ ٣٣٧).
(٢) روضة الطالبين (٦/ ٣٢٩)، الشرح الكبير (٧/ ٢٩٦).
(٣) كفاية النبيه (١٠/ ٣٣٨)
(٤) ما أحسن قول الصُّعْلُوكي أبي سهل وقد سئل عن ذلك؛ أعني: الضمان: لا إن مات عرضًا، نحم إن مات مرضًا. اهـ هامش (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>