للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنَظَرُهَا إِلَى مَحْرَمِهَا كَعَكْسِهِ. وَمَتَى حَرُمَ النَّظَرُ .. حَرُمَ الْمَسُّ،

===

قال ابن دقيق العيد في (كتاب الطلاق) من "شرح العمدة": وفي دلالة الآية المذكورة نظر؛ لأن (من) للتبعيض، فيحمل على من خاف الفتنة، فلا دلالة حينئذ على وجوب الغض مطلقًا؛ كما اختاره بعض المتأخرين، ولعله عنى به المصنف؛ فإنه استدل بها في "الروضة"، قال: والجمع بين الدليلين أولى من إلغاء أحدهما (١). انتهى.

وأجاب في "شرح مسلم" عن نظر عائشة: بأنه ليس فيه أنها نظرت إلى وجوههم وأبدانهم، وإنما نظرت لعبهم وحرابتهم، ولا يلزم منه تعمد النظر، وإن وقع بلا قصد .. صرفته في الحال، وأجاب عنه غيره: بأن ذلك لعله كان قبل نزول الحجاب، أو كانت عائشة لم تبلغ مبلغ النساء إذ ذاك (٢).

(ونظرها إلى محرمها كعكسه) كنظر الرجل إلى محرمه؛ فتنظر منه ما عدا ما بين السرة والركبة على الأصحِّ.

(ومتى حرم النظر .. حرم المس) لأنه أبلغ في إثارة الشهوة؛ بدليل: أنه لو لمس فأنزل .. أفطر، ولو نظر فأنزل .. لم يفطر، فيحرم على الرجل دلْكُ فخِذ الرجل بلا حائل، وكذلك لمحرمه، وقد يحرم النظر على وجه ويجوز اللمس قطعًا، وهو نظر الرجل إلى فرج امرأته وأمته؛ كما سيأتي.

وأفهم: أنه حيث جاز النظر .. جاز المسّ، ويستثنى: مسّ وجه الأجنبية .. فلا يجوز للرجل مسه وإن جوزنا نظره، وكذا لا يجوز مسُّ كل ما يجوز نظره من المحرم؛ فلا يجوز مس بطن أمه وظهرها، وتقبيلها، وغمز ساقيها ورجلها، ولا أن يأمر بنته أو أخته بغمز رجله، وعبارة "الروضة" لا تقتضي: أنه يحرم مس يد الأم؛ فإنه قال: فيحرم مس وجه الأجنبية وإن جوزنا النظر إليه، ومسُّ كل ما جاز النظر إليه من المحارم والإماء، قال في "المهمات": وهو خلاف إجماع الأمة (٣).


(١) إحكام الأحكام (ص ٧٩٨)، روضة الطالبين (٧/ ٢٥).
(٢) شرح مسلم (٦/ ١٨٤).
(٣) روضة الطالبين (٧/ ٢٨)، المهمات (٧/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>