للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَنِ اسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ .. ذَكَرَ مَسَاوِئَهُ بِصِدْقٍ. ويُسْتَحَبُّ تقدِيمُ خُطْبَةٍ قَبْلَ الْخِطْبَةِ

===

(ومن استشير في خاطب .. ذكر مساوئه بصدق) إذا لم يندفع بدون ذلك؛ بذلًا للنصيحة، فإن اندفع بدون تعينها؛ كقوله: (لا خير لكم فيه) ونحوه .. فإنه لا يحل تعينها قاله في "الأذكار" (١).

وهذا أحد الأسباب المجوزة للغيبة، وهي تباح لستة أسباب جمعها بعضهم في بيت فقال: [من الكامل]

لَقَبٌ وَمُسْتَفْتٍ وَفِسْقٌ ظَاهِرٌ ... وَالظُّلْمُ تَحْذِيرٌ مُزِيلُ الْمُنْكَرِ

ولا يختص ذلك بالخاطب، بل لو استشير في مخطوبة، كان كذلك، وكذا من أراد نصيحة غيره ليحذر عن مشاركة ونحوها.

وقوله: (ذكر مساوئه) محتمل للجواز والإيجاب، وظاهر إيراد "المحرر": الأول؛ فإنه قال: فله ذلك، وصرّحا به في "الروضة" و"أصلها" فقالا: ويجوز ذلك ليحذر (٢)، لكن صرح صاحب "الترغيب"، والقفال في "فتاويه"، وابن عبد السلام، وابن الصلاح: بالوجوب، وصرّح المصنف في "الأذكار" و"الرياض": بوجوب النصح على المستشار؛ فأوجب في (البيع) على الأجنبي إذا علم بالمبيع عيبًا أن يخبر به المشتري، ولم يتعرض له هنا (٣)، والظاهر: أنه مثله؛ لأن كتمانه غش، وبيانه من النصح الواجب لأئمة المسلمين وعامتهم إلا إذا علم أن ذلك لا يفيد .. فقد يرخص له في الترك في بعض الأحوال بحسب قدر المفسدة وما يترتب عليها.

(ويستحب) للخاطب أو نائبه (تقديم خُطبة) بضم الخاء (قبل الخِطبة) بكسرها لحديث: "كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ الله .. فَهُوَ أَبْتَرُ" (٤).


(١) الأذكار (ص ٥٥٠).
(٢) المحرر (ص ٢٨٩)، الشرح الكبير (٧/ ٤٨٦)، روضة الطالبين (٧/ ٣٢).
(٣) القواعد الكبرى (١/ ١٥٣)، الأذكار (ص ٥٤٩)، رياض الصالحين (ص ٤٨٧)، روضة الطالبين (٣/ ٤٦١).
(٤) أخرجه ابن حبان (١)، وأبو داوود (٤٨٤٠)، وابن ماجه (١٨٩٤)، وأحمد (٢/ ٣٥٩) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>