للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لِلْوَليِّ عَفْوٌ عَلَى الدِّيَةِ بِغَيْرِ رِضَا الْجَانِي، وَعَلَى الأَوَّلِ لَوْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ. فَالْمَذْهَبُ: لَا دِيَةَ،

===

لهُ قَتِيلٌ .. فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ؛ إِمَّا أَنْ يُودَى، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ" متفق عليه من حديث أبي هريرة (١).

والتخيير بين شيئين يقتضي اشتراط استوائهما في الرقبة؛ كخصال الكفارة.

ويستثنى من محل الخلاف: كل موضع وجب فيه القود ولا دية فيه؛ كقتل المرتد مرتدًا .. ففيه القود ولا دية في الأصحِّ، وكذا إذا قطع يدي رجل فاقتص منه، ثم مات المجني عليه بالسراية؛ كما سبق (٢).

قال المنكت: (إذا قتل الوالد ولده، أو المسلم الذمي .. فهل نقول: الواجب الدية عينًا عكس القاعدة أو هو كغيره، فيجب القود عينًا في الأصح ويعدل إلى الدية؛ لأن الأبوة وشرف الدين مسقط؟ لم أر من تعرض له، وللنظر فيه مجال (٣)، وحكاه شيخنا عنه وأقره، وهو عجب؛ فقد صرح بذلك الشيخان في "الشرح" و"الروضة" في موضعين في الكلام على (تغليظ الدية في قتل العمد)، وفي الكلام على (العاقلة)، وجزما بالاحتمال الأول، فقالا: وسواء كان العمد موجبًا للقصاص فعفي على الدية أو لم يوجبه؛ كقتل الوالد ولده (٤).

(وعلى القولين: للولي عفو على الدية بغير رضا الجاني) لإطلاق الحديث السابق؛ ولأن الجاني محكوم عليه؛ فلا يحتاج إلى رضاه، (وعلى الأول) (وهو الأظهر (لو أطلق العفو) عن القود ولم يتعرض للدية بنفي ولا إثبات ( .. فالمذهب: لا دية) لأن القتل لم يوجب الدية على هذا القول، والعفو إسقاط ثابت لا إثبات معدوم، والثاني: تجب؛ لظاهر قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} أي: اتباع المال، وذلك يشعر بوجوب المال بالعفو، ولأنه سقط


(١) صحيح البخاري (٢٤٣٤)، صحيح مسلم (١٣٥٥).
(٢) بلغ مقابلة بحسب الإمكان على خط مؤلفه، عفا الله عنه. اهـ هامش (أ).
(٣) السراج (٧/ ٢١٠).
(٤) الشرح الكبير (١٠/ ٣١٨، ٤٦٣)، روضة الطالبين (٩/ ٢٥٦، ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>