للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ عَفَا عَنِ الدِّيَةِ .. لَغَا، وَلَهُ الْعَفْوُ بَعْدَهُ عَلَيْهَا. وَلَوْ عَفَا عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الدِّيَةِ .. ثَبَتَ إِنْ قَبِلَ الْجَانِي، وَإِلَّا .. فَلَا، وَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ فِي الأَصَحِّ. وَلَيْسَ لِمَحْجُورِ فَلَسٍ عَفْوٌ عَنْ مَالٍ إِنْ أَوْجَبْنَا أَحَدَهُمَا، وَإِلَّا؛ فَإِنْ عَفَا عَلَى

===

القصاص بالعفو، فيعدل إلى بدله؛ كما لو مات الجاني.

وأجاب الأول: بحمل الآية على ما إذا عفا على الدية.

ونفيه الدية يفهم: أنه لو اختار الدية بعد العفو .. لا يثبت، لكن نقل في "أصل الروضة" عن ابن كَجٍّ - وأقرّه - ثبوتها، ويكون اختيارها بعد العفو كالعفو عليها، ثم قال: وحكي عن النص أن هذا الاختيار ينبغي أن يكون عقب العفو، وعن بعض الأصحاب: أنه يجوز فيه التراخي (١).

قال البُلْقيني: وهذا المحكي عن بعض الأصحاب ذكره الماوردي قولًا للشافعي.

(ولو عفا عن الدية .. لغا) العفو؛ لأنه عفو عمّا لم يجب (ولى العفو) عن القصاص (بعده عليها) أي: على الدية؛ لأن الأول كان لاغيًا، وحقه في القود باق.

(ولو عفا على غير جنس الدية .. ثبت) على القولين وإن كان أكثر من الدية (إن قبل الجاني، وإلا .. فلا) أي: وإن لم يقبل الجاني .. لم يثبت المال؛ لأنه اعتياض، فاشترط رضاهما.

(ولا يسقط القود في الأصح) لأنه رضي به على عوض ولم يحصل له، والثاني: يسقط؛ لأنه رضي به حيث أقدم على الصلح وطلب العوض، وإذا قلنا بهذا .. فهل تثبت الدية؟ قال البغوي: هو كما لو عفا مطلقًا، وأقراه (٢).

(وليس لمحجور فلس عفو عن مال إن أوجبنا أحدهما) أي: أحد الأمرين؛ للتفويت على الغرماء، (وإلا) أي: وإن قلنا: الواجب: القود عينًا (فإن عفا على


(١) روضة الطالبين (٩/ ٢٤١).
(٢) الشرح الكبير (١٠/ ٢٩٣)، روضة الطالبين (٩/ ٢٤١)، فائدة: قيل: كان في شرع موسى صلى الله عليه وسلم تحتم القصاص جزمًا، وفي شرع عيسى صلى الله عليه وسلم أخذ الدية فقط، فخفف الله عن هذه الأمة وخيّرها بين الأمرين؛ لما في الإلزام بأحدهما من المشقة. اهـ هامش (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>