للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ تَبِعَ بِسَيْفٍ هَارِبًا مِنْهُ فَرَمَى نَفْسَهُ بِمَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ مِنْ سَطْحٍ .. فَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ وَقَعَ جَاهِلًا لِعَمَىً أَوْ ظُلْمَةٍ .. ضَمِنَ، وَكَذَا لَوِ انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ فِي هَرَبِهِ فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ سُلِّمَ صَبِيٌّ إِلَى سَبَّاح لِيُعَلِّمَهُ فَغَرِقَ .. وَجَبَتْ دِيَتُهُ

===

وخرج بالصبي: البالغ فإنه لا يجب الضمان قطعًا؛ كما قاله في "أصل الروضة" (١) والرافعي إنما ذكره عن مفهوم كلام الغزالي، ثم قال: ويشبه أن يقال: الحكم منوط بالقوة والضعف، لا بالصغر والكبر (٢)، وهذا الذي بحثه يرشد إليه قول الماوردي، والروياني، والشيخ في "المهذب": لو ربط يدي رجل ورجليه، وألقاه في مسبعة .. فهو شبه عمد (٣).

(ولو تبع بسيف هاربًا منه فرمى نفسه بماء أو نار أو من سطح .. فلا ضمان) لأنه باشر إهلاك نفسه قصدًا، والمباشرة مقدمة على السبب، فصار كما لو حفر بئرًا فجاء آخر وردى نفسه فيها.

(ولو وقع) في المهلك المذكور ونحوه (جاهلًا لعمى أو ظلمة .. ضمن) المتبع؛ لأنه لا يقصد إهلاك نفسه، وقد ألجأه المتبع إلى الهرب المفضي إلى المهلك.

(وكذا لو انخسف به سقف في هربه في الأصح) لأنه حمله على الهرب، وألجأه إليه، فأشبه ما إذا وقع في بئر مغطاة، وهذا ما نص عليه في "الأم"، والثاني: لا ضمان؛ لأن المعنى المهلك لم يشعر به واحد منهما، فأشبه ما إذا عرض سبع فافترسه.

ومحل الخلاف: ما إذا كان سبب الانخساف ضعف السقف، ولم يشعر به المطلوب، أما إذا ألقى نفسه عليه من علو فانخسف لثقله .. فالحكم: كما لو ألقى نفسه في ماء أو نار.

(ولو سلم صبي إلى سباح ليعلمه فغرق .. وجبت ديته) لأنه غرق بإهماله، وتكون دية شبه عمد؛ كما لو ضرب الصبي للتأديب فهلك.


(١) روضة الطالبين (٩/ ٣١٥).
(٢) الشرح الكبير (١٠/ ٤١٩).
(٣) الحاوي الكبير (١٦/ ١٥٥)، بحر المذهب (١٢/ ٣١٢)، المهذب (٢/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>