للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَثْبُتُ الْقَسَامَةُ فِي الْقَتْلِ بِمَحَلِّ لَوْثٍ، وَهُوَ: قَرِينَةٌ لِصِدْقِ الْمُدَّعِي؛ بِأَنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحِلَّةٍ أَوْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لِأعْدَائِهِ، أَوْ تَفَرَّقَ عَنْهُ جَمْعٌ

===

(وتثبت القسامة في القتل بمحل لوث) لقصة عبد الله بن سهل في "الصحيحين" (١).

(وهو) أي: اللوث (قرينة لصدق المدعي) سمي بذلك؛ لأن أصل اللوث في اللغة: هو القوة، وقيل: الضعف، فكأنه حجة ضعيفة (بأن وجد قتيل في محلة) منفصلة عن البلد الكبيرة، (أو قرية صغيرة لأعدائه) لأن قصة عبد الله بن سهل هكذا كانت، فإن أهل خيبر أعداء الأنصار، ووجوده بقرب المحلة أو القرية كوجوده بها.

ويشترط: ألا يساكن الأعداء غيرهم؛ لاحتمال أن الغير قتله، وهل يشترط: ألا يخالطهم غيرهم حتى لو كانت القرية على قارعة الطريق وكان يطرقها المارة والمجتازون، فلا لوث أو لا يشترط؟ وجهان، أصحهما في "الروضة" و"أصلها": الثاني (٢)، فإن خيبر يطرقها الأنصار، ولكن حكى في "شرح مسلم" عن الشافعي: الاشتراط، وقال في "المهمات": إنه الصواب الذي عليه الفتوى، فقد نص عليه الشافعي، وذهب إليه جمهور الأصحاب، بل جميعهم إلا الشاذ (٣).

(أو تفرق عنه جمع) في دار دخلها عليهم ضيفًا، أو دخلها معهم لحاجة، أو في مسجد، أو طريق، أو ازدحم قوم على بئر، ثم تفرقوا عن قتيل؛ لقوة الظن هنا أيضًا، ولا يشترط هنا كونهم أعداءه.


(١) وهي: أن عبد الله بن سهل انطلق هو ومُحيِّصة بن مسعود إلى خيبر، وهي يومئذ صلح، فتفرقا، فأتى مُحيِّصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلًا، فدفنه، ثم قدم المدينة، فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومُحيِّصة وحُويِّصة ابنا مسعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب عبد الرحمن يتكلم، فقال عليه السلام: "كَبِّرْ كَبِّرْ"، وهو أحدث القوم، فسكت، فتكلما، فقال: "أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبكُمْ، أَوْ قَاتِلِكُمْ؟ " قالوا: أنحلف ولم نر؟ فقال: "فَتُبْرِيكُمْ يَهُودُ بخَمْسِينَ يَمِينًا مِنْهُمْ"، قالوا: كيف نأخذ أيمان قوم كفار، فعقله صلى الله عليه وسلم من عنده [صحيح البخاري (٣١٧٣)، صحيح مسلم (١٦٦٩)] اهـ هامش (أ).
(٢) روضة الطالبين (١٠/ ١٠)، الشرح الكبير (١١/ ١٥).
(٣) شرح صحيح مسلم (١٠/ ١٤٥)، المهمات (٨/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>