للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوِ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ؛ كَقَوْلِهِ: (سَرَقَ بُكْرَةً)، وَالآخَرِ: (عَشِيَّةً) .. فَبَاطِلَةٌ. وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سَرَقَ، فَإِنْ تَلِفَ .. ضَمِنَهُ. وَتُقْطَعُ يَمِينُهُ، فَإِنْ سَرَقَ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِهَا .. فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَثَالِثًا .. يَدُهُ الْيُسْرَى، وَرَابِعًا .. رِجْلُهُ الْيُمْنَى، وَبَعْدَ ذَلِكَ .. يُعَزَّرُ

===

(ولو اختلف شاهدان؛ كقوله: "سرق بكرة"، والآخر: "عشية" .. فباطلة) لأنهما شهدا على الفعل، ولم يتفقا عليه.

وقضية قوله: (باطلة) أنه لا يلزمه شيء، لكن في "الشرح" و"الروضة": أن المشهود له لو حلف مع أحدهما .. غرم المال (١).

(وعلى السارق ردُّ ما سرق) لقوله عليه السلام: "عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدَّيَهُ" (٢)، (فإن تلف .. ضمنه) جبرًا لما فات.

(وتقطع يمينه) بالإجماع، كما قاله القاضي أبو الطيب، وإنما لم يقطع ذكر الزاني قياسًا على السارق لأوجه؛ أحدها: أن للسارق مثلها، بخلاف الزاني، ثانيها: ما فيه من إبطال النسل، ثالثها: أن اليد تبرأ غالبًا، بخلافه.

(فإن سرق ثانيًا بعد قطعها .. فرجله اليسرى، وثالثًا .. يده اليسرى، ورابعًا .. رجله اليمنى) لما رواه الشافعي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في السارق: "إِنْ سَرَقَ .. فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ .. فاقْطَعُوا رِجْلَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ .. فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ .. فاقْطَعُوا رِجْلَهُ" (٣)، وله شواهد كثيرة.

روى البيهقي بإسناد صحيح عن عكرمة عن ابن عباس قال: (شهدت عمر قطع يدًا بعد يدٍ ورجل)، قال البيهقي: (وقد أشار على أبي بكر بذلك أيضًا) (٤).

(وبعد ذلك) أي: بعد قطع اليدين والرجلين (يعزر) على الجديد؛ لأن القطع


(١) الشرح الكبير (١١/ ٢٣٦)، روضة الطالبين (١٠/ ٤٧).
(٢) أخرجه أبو داوود (٣٥٦١)، والترمذي (١٢٦٦)، وابن ماجه (٢٤٠٠) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه.
(٣) مختصر المزني (ص ٢٦٤)، وأخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (١٢/ ٤١١)، والدارقطني (٣/ ١٨١).
(٤) سنن البيهقي (٨/ ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>