للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ عَلِمَ الإِمَامُ قَوْمًا يُخِيفُونَ الطَّرِيقَ وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا وَلَا نَفْسًا. . عَزَّرَهُمْ بِحَبْسٍ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا أَخَذَ الْقَاطِعُ نِصَابَ السَّرِقَةِ. . قَطَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى وَرِجْلَهُ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَادَ. . فَيُسْرَاهُ وَيُمْنَاهُ، وَإِنْ قَتلَ. . قُتِلَ حَتْمًا، وَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ مَالًا. . قُتِلَ ثُمَّ صُلِبَ.

===

(ولو علم الإمام قومًا يخيفون الطريق، ولم يأخذوا مالًا ولا نفسًا) أي: ولم يقتلوا نفسًا (. . عزرهم بحبس وغيره) لخروجهم للحرابة، كما يعزر على مقدمات الزنا والشرب.

(وإذا أخذ القاطع نصاب السرقة. . قطع يده اليمنى ورجله اليسرى، فإن عاد. . فيسراه ويمناه) للآية السالفة، وهي وإن اقتضى ظاهرها التخيير. . فالمراد بها: الترتيب عندنا؛ اقتداءً بابن عباس رضي الله عنهما (١).

واحترز بالنصاب: عما دونه؛ فإنه لا قطع به على الأصحِّ؛ كالسرقة، وسكت عن اعتبار الحرز ولا بد منه؛ كما نقلاه عن الأصحاب، حتى لو كان المال تسير به الدواب بلا حافظ، أو كانت الجمال مقطورة، ولم تتعهد؛ كما شرط في السرقة. . لم يجب القطع (٢).

ويشترط أيضًا: انتفاء الشبهة في المأخوذ، وكونه ممن يقطع في السرقة.

(وإن قتل) قاطع الطريق عمدًا عدوانًا من يكافئه لأجل أخذ المال؛ كما قيده البَنْدَنيجي، وقال البُلْقيني: إنه مقتضى نص "الأم" (. . قتل) لما سيأتي (حتمًا) فلا يسقط بعفو الولي؛ لأن كل معصية فيها عقوبة في غير المحاربة تجب فيها زيادة عند المحاربة؛ كأخذ المال، ولا زيادة هنا إلا بالحتم.

(وإن قتل وأخذ مالًا. . قتل ثم صلب) هكذا نزَّل ابن عباس رضي الله عنهما العقوبات المذكورة في الآية على هذه المراتب، والمعنى: أن يقتلوا إن قتلوا، ويقتلوا ويصلبوا إن أخذوا المال وقتلوا، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن اقتصروا على أخذ المال.

وكلمة (أو) للتنويع لا للتخيير؛ كما يقال: الزاني يجلد أو يرجم، وإنما صلب


(١) أخرجه الشافعي في "مسنده" (ص ٤٣٤)، والطبري في "تفسيره" (١١٨٣٣).
(٢) الشرح الكبير (١١/ ٢٥٣)، روضة الطالبين (١٠/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>