للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَصِحُّ الْهُدْنَةُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا الإِمَامُ مَتَى شَاءَ، وَمَتَى صَحَّتْ .. وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَوْ يَنْقُضُوهَا بِتَصْرِيحٍ، أَوْ قِتَالِنَا، أَوْ مُكَاتبةِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِعَوْرَةٍ لَنَا، أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ، وَإِذَا انْتَقَضَتْ .. جَازَتِ الإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ وَبَيَاتهمْ. وَلَوْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يُنْكِرِ الْبَاقُونَ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ .. انْتَقَضَ فيهِمْ أَيْضًا،

===

(وتصح الهدنة على أن ينقضها الإمام متى شاء) لأنه صلى الله عليه وسلم وادع يهود خيبر، وقال: "أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللهُ"، رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنه (١).

قال الشافعي: ولو قال الإمام الآن هذه اللفظة .. لم يجز؛ لأنه عليه السلام يعلم ما عند الله بالوحي، بخلاف غيره (٢).

ولا يختص ذلك بمشيئة الإمام، بل لو عقدها على أن لفلانٍ نقضَها متى شاء .. صح أيضًا بشرط كونِ فلانٍ مسلمًا عدلًا ذا رأي.

(ومتى صحت) الهدنة ( .. وجب الكف عنهم حتى تنقضي أو ينقضوها بتصريح، أو قتالنا، أو مكاتبة أهل الحرب بعورة لنا، أو قتل مسلم) أو ذمي، أو أخذ مال، أو سب الرسول عليه السلام، أو إيواء عيون الكفار؛ لقوله تعالى: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ}، وقال: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ}.

(وإذا انتقضت .. جازت الإغارة عليهم وبياتهم) لقوله تعالى: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ} الآية، هذا فيما إذا كانوا في بلادهم، فأما من في بلادنا .. فلا يقاتل، ويبلغ المأمن، وسواء علموا أن ما فعلوه ناقض أم لا على الأصحَّ في "أصل الروضة"، قال الرافعي: وينبغي أن يقال: إذا لم يعلموا أنه خيانة .. لا ينتقض العهد، إلا إذا كان المفعول مما لا يشك في مضادته للهدنة؛ كالقتال (٣).

(ولو نقض بعضهم ولم ينكر الباقون بقول ولا فعل)، بل ساكنوهم وسكتوا ( .. انتقض فيهم أيضًا) لأن سكوتهم يشعر بالرضا، فجعل نقضًا منهم؛ كما أن هدنة


(١) صحيح البخاري (٢٧٣٠).
(٢) الأم (٥/ ٤٥٤).
(٣) الشرح الكبير (١١/ ٥٦٠)، روضة الطالبين (١٠/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>