للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ أَنْكَرُوا بِاعْتِزَالِهِمْ أَوْ إِعْلَامِ الإِمَامِ بِبَقَائِهِمْ عَلَى الْعَهْدِ .. فَلَا. وَلَوْ خَافَ خِيَانتَهُمْ .. فَلَهُ نَبْذُ عَهْدِهِمْ إِلَيْهِمْ وَيُبَلِّغُهُمُ الْمَأْمَنَ، وَلَا يَنْبُذُ عَقْدَ الذِّمَّةِ بِتُهَمَةٍ. وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا مِنْهُمْ، فَإِنْ شُرِطَ .. فَسَدَ الشَّرْطُ، وَكَذَا الْعَقْدُ فِي الأَصَحِّ،

===

البعض وسكوت الباقين هدنة في حق الكل، وهذا بخلاف عقد الجزية؛ حيث لا ينتقض إلا بتصريح الجميع؛ لقوته وضعف الهدنة.

(فإن أنكروا باعتزالهم أو إعلام الإمام ببقائهم على العهد .. فلا) ينتقض العهد في حقهم؛ لقوله تعالى: {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ}، وإنما ذكر مثالين؛ لأن الأولَ للإنكار الفعلي، والثانيَ للقولي.

(ولو خاف خيانتهم) بشيء لو أظهروه انتقض عهدهم، وظهرت أمارة تدل على ذلك ( .. فله نبذ عهدهم إليهم) لقوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} الآية.

وأفهم: أنه إذا لم يخف الخيانة .. لا يجوز نبذ عهدهم، ومنه يعلم أن عقدها لازم.

(ويبلغهم المأمن) بعد استيفاء ما وجب عليهم من الحقوق؛ وفاء بالعهد.

(ولا ينبذ عقد الذمة بتهمة)، بخلاف الهدنة، والفرق: أن في عقد الذمة يغلب جانبهم، ولهذا تجب الإجابة إليه إذا طلبوا، وفي الهدنة يغلب جانبنا، ولهذا لا تجب الإجابة، وأيضًا فعقد الذمة آكد؛ لأنه مؤبد، وهو عقد معاوضة.

(ولا يجوز شرط رد مسلمة تأتينا منهم)، بخلاف رد الرجل والمرأة الكافرة؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}، ولأنه لا يُؤمن أن يصيبها زوجها الكافر، أو أن تُزوَّج من كافر.

ولو أسقط المصنف (تأتينا) .. لكان أحسن؛ لأن حكم من جاءت إلينا كافرة ثم أسلمت .. كذلك.

(فإن شرط .. فسد الشرط) لأنه شرط أحل حرامًا، وسواء كان لها عشيرة أم لا (١)، (وكذا العقد في الأصح)، هذا هو الخلاف السابق في قوله: (وكذا شرط فاسد على الصحيح)، إلا أنه ضعّفه هناك وقوّاه هنا، فكرر وناقض.


(١) بلغ مقابلة على خط مؤلفه، نفع الله بعلومه، ورحم سلفه. اهـ هامش (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>