للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَعْنَى الرَّدِّ: أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبِهِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرُّجُوع، وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ، وَلَهُ قَتْلُ الطَّالِب، وَلَنَا التَّعْرِيضُ لَهُ بِهِ لَا التَّصْرِيحُ. وَلَوْ شَرَطَ أَن يَرُدُّوا مَنْ جَاءَهُمْ مُرْتَدًّا مِنَّا .. لَزِمَهُمُ الْوَفَاءُ،

===

وعلى هذا حمل رد النبي صلى الله عليه وسلم أبا بَصِير؛ فإنه جاء في طلبه رجلان، فقتل أحدَهما في الطريق، وهرب منه الآخر، رواه البخاري (١).

(ومعنى الردّ: أن يخليَ بينه وبين طالبه، ولا يجبرُ على الرجوع) لأنه لا يجوز إجبار المسلم على الإقامة بدار الحرب، وعلى هذا حُمِلَ ردُّه عليه السلام أبا بصير وأبا جندل، ولا تبعد تسمية التخلية ردًّا؛ كما في الوديعة.

(ولا يلزمه) أي: المطلوبَ (الرجوعُ) لأن العهد لم يجرِ معه، ولذلك لم ينكر عليه السلام على أبي بَصِير امتناعه.

(وله قتل الطالب) لقصة أبي بصير، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

(ولنا التعريض له به) لأن عمر رضي الله عنه قال لأبي جندل حين رُدَّ إلى أبيه: (اصبر أبا جندل؛ فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم كدم كلب)، يعرض له بقتل أبيه؛ كما رواه الإمام أحمد في "مسنده" (٢)، (لا التصريحُ) لأنهم في أمان.

وما جزم به من قتل الطالب والتعريض به: أشار في "المحرر" إلى خلاف فيهما بقوله: (والظاهر)، لكن قال المصنف في "الدقائق": إنه أشار إلى احتمال فيه، ولم يرد إثبات خلاف فيه. انتهى (٣).

واعترض: بأن المنع احتمال للإمام؛ كما ذكره في "الشرح"، وعده وجهًا في كلامه على رقوم "الوجيز" (٤).

وقد أكثر المصنف من عدّ احتمالات الإمام والغزالي وجوهًا؛ كما سبق في غير موضع.

(ولو شرط أن يردوا من جاءهم مرتدًّا منّا .. لزمهم الوفاء) عملًا بالتزامهم،


(١) وهو الحديث السابق.
(٢) مسند أحمد (٤/ ٣٢٣) عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم رضي الله عنهما.
(٣) المحرر (ص ٤٦٠)، دقائق المنهاج (ص ٧٥).
(٤) الشرح الكبير (١١/ ٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>