للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مَوْتًا أَوْ مَرَضًا مَخُوفًا وَوَجَدَ مُحَرَّمًا .. لَزِمَهُ أَكْلُهُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ،

===

"ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ" صححه ابن حبان (١).

وقضية كلامه: أنه لو أخرج الجنين رأسه وبه حياة مستقرة، فلما فتح كرش الأم وجد ميتًا .. أنه يحل، وهو الأصح في "زيادة الروضة" (٢)، وصحح البُلْقيني مقابله، قال الدميري: (ولا يخفى أن مراد الأصحاب: إذا مات بذكاة أمه، فلو مات قبل ذكاتها .. كان ميتة لا محالة؛ لأن ذكاة الأم لم تؤثر فيه) (٣).

وخرج بقوله: (ميتًا): ما لو وجد حيًّا؛ كما لو اضطرب بعد ذبح أمه اضطرابًا طويلًا .. فإنه لا يحل بذكاة أمه.

نعم؛ لو كانت حياته غير مستقرة، بل حركته حركة مذبوح .. حل.

(ومن خاف على نفسه موتًا أو مرضًا مخوفًا ووجد محرمًا) كميتة، وخنزير، ودم، وما في معناه ( .. لزمه أكله) لقوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} إلى قوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}، وكما يجب دفع الهلاك بأكل الحلال، (وقيل: يجوز) ولا يجب؛ لأنه قد يتورع؛ لتردده في الانتهاء إلى حد الضرورة؛ كالمصول عليه يتردد في القدر الدافع للصائل فيتورع، وهو مخرج من قول جواز الاستسلام.

وفرق الأول؛ بأن المستسلم للصائل يؤثر مهجة على مهجته؛ طلبًا للشهادة، وهنا بخلافه، وخوف طول مدة المرض كخوف المرض، وكذا الضعف عن المشي أو الركوب، وينقطع عن الرفقة ويضيع، وكذا إذا أجهده الجوع، وعيل صبره على الأصح في "زيادة الروضة" (٤).

ويستثنى من المأكول والمشروب: الخمر، ونحوها من المسكر، فلا يجوز تناوله لجوع وعطش على الأصح.


(١) صحيح ابن حبان (٥٨٨٩)، وأخرجه أبو داوود (٢٨٢٧)، والترمذي (١٤٧٦)، وابن ماجه (٣١٩٩) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٢) روضة الطالبين (٣/ ٢٧٩ - ٢٨٠).
(٣) النجم الوهاج (٩/ ٥٦٨).
(٤) روضة الطالبين (٣/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>