للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ بِعِوَضٍ نَاجِزٍ إِنْ حَضَرَ، وَإِلَّا .. فَبِنَسِيئَةٍ، فَلَوْ أَطْعَمَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا .. فَالأَصَحُّ: لَا عِوَضَ. وَلَوْ وَجَدَ مُضْطَرٌّ مَيْتةً وَطَعَامَ غَيْرِهِ، أَوْ مُحْرِمٌ مَيْتةً وَصَيْدًا .. فَالْمَذْهَبُ: أَكْلُهَا، وَالأَصَحُّ: تَحْرِيمُ قَطْعِ بَعْضِهِ لأَكْلِهِ

===

القصاص، وإن منع منه الطعام فمات جوعًا .. فلا ضمان عليه؛ لأنه لم يحدث فيه فعلًا مهلكًا.

(وإنما يلزمه) يعني: المالك الإطعام (بعوض ناجز إن حضر، وإلا .. فبنسيئة) ولا يلزمه البذل مجانًا على الصحيح؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر، وكما يجب البذل لإبقاء الآدمي المعصوم .. يجب لإبقاء البهيمة المحترمة وإن كانت ملكًا للغير.

(فلو أطعمه ولم يذكر عوضًا .. فالأصح: لا عوض) حملًا على المسامحة المعتادة في الطعام لا سيما في حق المضطر، والثاني: يلزمه؛ لأنه خلصه من الهلاك بذلك، فيرجع عليه بالبدل؛ كما في العفو عن القصاص، كذا في "الرافعي" (١)، لكن الصحيح في (الجنايات): أنه إذا عفا مستحق القصاص ولم يذكر مالًا .. لا شيء له.

(ولو وجد مضطر ميتة وطعام غيره) والغير غائب أو حاضر، ولم يبعه إلا بزيادة كثيرة على ثمن المثل، (أو محرم ميتة وصيدًا .. فالمذهب: أكلها) لأنها حق الله تعالى ولا عوض فيها، بخلاف طعام الغير والصيد، وقيل: يأكل طعام الغير؛ لأنه حلال العين، وقيل: يتخير بينهما في الصورتين، وفي قول: أنه يأكل الصيد؛ لأن تحريم الميتة آكد وأغلظ؛ لأنه يتأبد ويعم المحرم وغيره، بخلاف تحريم الصيد.

والخلاف في الثانية - كما قاله أبو علي الطبري، وابن أبي هريرة - مبني على الخلاف في أن ما يذبحه المحرم هل يصير ميتة؟ إن قلنا: نعم؛ وهو الجديد .. أكل الميتة قطعًا، وإلا .. فقولان، قال الماوردي: والخلاف إذا كانت الميتة غير ميتة آدمي، فإن كانت .. لم يأكل إلا الصيد قطعًا (٢).

(والأصح: تحريم قطع بعضه لأكله) لأنه قطع لحم حي قد يتوقع منه الهلاك،


(١) الشرح الكبير (١٢/ ١٦٧).
(٢) الحاوي الكبير (١٩/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>