للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالأَظْهَرُ: أَنَّ عَقْدَهُمَا لَازِمٌ لَا جَائِزٌ، فَلَيْسَ لِأحَدِهِمَا فَسْخُهُ، وَلَا تَرْكُ الْعَمَلِ قَبْلَ شُرُوعٍ وَبَعْدَهُ، وَلَا زِيَادَةٌ وَنَقْصٌ فِيهِ، وَلَا فِي مَالٍ. وَشَرْطُ الْمُسَابَقَةِ: عِلْمُ الْمَوْقِفِ وَالْغَايَةِ، وَتَسَاوِيهِمَا فِيهِمَا،

===

(والأظهر: أن عقدهما) أي: المسابقة والمناضلة (لازم لا جائز) كا لإجارة، والثاني: جائز كالجعالة، قال الأَذْرَعي: والقولان إذا كانت بعوض، وإلا .. فجائزة قطعًا. انتهى، ومحلهما في العوض في حق من التزم المال، فأما من لم يلتزم شيئًا وقد يغنم .. فجائز في حقه قطعًا.

(فليس لأحدهما فسخه) لأن هذا شأن العقد اللازم.

نعم؛ لو بان بالعوض المعين عيب .. ثبت حق الفسخ؛ كما في الأجرة.

(ولا ترك العمل قبل شروع وبعده) سواء كان مفضولًا أم فاضلًا، وأمكن أن يدركه صاحبه ويسبقه، فإن لم يمكنه ذلك .. كان له الترك؛ لأنه حق نفسه.

(ولا زيادة ونقص فيه) أي: في العمل، (ولا في مال) أي: في المال الملتزم بالعقد؛ كالإجارة إلا أن يفسخا العقد، ويستأنفا عقدًا، هذا كله تفريع على قول اللزوم، وعلى قول الجواز: يجوز جميع ذلك.

(وشرط المسابقة: علم الموقف) الذي يبتدئان بالجري منه، (والغاية) التي يجريان إليها؛ لأنه عليه السلام سابق بين الخيل المضمرة من الحَفْياء إلى ثنية الوداع، وبين غيرها من الثنية إلى مسجد بني زُرَيق، متفق عليه (١).

فإن لم يعيناهما، وشرط المال لمن سبق حيث سبق .. لم يجز؛ كما صرح به في "المحرر" (٢).

(وتساويهما فيهما) أي: تساوي المتسابقين في الموقف والغاية، فلو شرط تقدم موقف أحدهما أو تقدم غايته .. لم يجز؛ لأن المقصود معرفة فروسية الفارس، وجودة جري الدابة، ولا يعرف ذلك مع تفاوت المسافة؛ لاحتمال أن يكون السبق لقرب المسافة لا لحذق الفارس، ولا لفراهة الفرس.


(١) صحيح البخاري (٢٨٧٠)، صحيح مسلم (١٨٧٠) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢) المحرر (ص ٤٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>