للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا مَسْجِدًا، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي حَالِ غَضَبٍ وَجُوعٍ وَشِبَعٍ مُفْرِطَيْنِ، وَكُلِّ حَالٍ يَسُوءُ خُلُقُهُ، وَيُنْدَبُ أَنْ يُشَاوِرَ الْفُقَهَاءَ،

===

"المحرر"، وكأن المراد به: ما نقلاه عن ابن حربويه وغيره أنه يستحب جلوسه بمرتفع كدكة ونحوها (١)، ويوضع له فراش ووسادة؛ ليعرفه كل داخل، ويكون أهيب عند الخصوم، وصرح به الماوردي أيضًا قال: ويفعله وإن كان موصوفًا بالزهد والتواضع؛ للحاجة إلى قوة الرهبة والهيبة (٢)، ونص عليه الرافعي؛ كما قاله في "المرشد".

(لا مسجدًا) فإنه يكره اتخاذه مجلسًا للحكم؛ صونًا له عن ارتفاع الأصوات واللغط، وقيل: لا يكره، وبه قال الأئمة الثلاثة؛ كما لا يكره الجلوس فيه للفتوى وتعلم القرآن والعلم، وموضع الكراهة: اتخاذه لذلك، فلو اتفقت قضية أو قضايا وهو في المسجد .. فلا بأس بفصلها، وعلى ذلك حمل ماجاء عنه صلى الله عليه وسلم، وعن خلفائه في القضاء في المسجد.

(ويكره أن يقضي في حال غضب، وجوع، وشبع مفرطين [وكل حال يسوء خلقه]) (٣) كالمرض ومدافعة الأخبثين، وشدة الحزن أو السرور؛ لصحة النهي عنه في الغضب (٤)، وقيس الباقي عليه؛ لأن فهمه وفكره يختلّ بذلك، فلو قضى .. نفذ حكمه.

(ويندب أن يشاور الفقهاء) لقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} قال الحسن البصري: كان عليه السلام مستغنيًا عنها، ولكن أراد أن تصير سنة للحكام.

والمراد بـ (الفقهاء) كما قاله جمع من الأصحاب: الذين يجوز لهم الإفتاء، قال الماوردي: لا فاسقًا، وفي جواز مباحثته وجهان، وإذا أشكل الحكم .. تكون المشاورة واجبة، وإلا فمستحبة، قاله القاضي الحسين (٥).


(١) المحرر (ص ٤٨٧)، الشرح الكبير (١٢/ ٤٦٠)، روضة الطالبين (١١/ ١٣٨).
(٢) الحاوي الكبير (٢٠/ ٣٤٣).
(٣) ما بين المعقوفين زيادة من (ز) وفي (و): (وكل حال يسيء خلقه).
(٤) أخرجه البخاري (٧١٥٨)، ومسلم (١٧١٧) عن أبي بكرة - رضي الله عنه -.
(٥) الحاوي الكبير (٢٠/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>