للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَلَّا يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ بِنَفْسِهِ، وَلَا يَكُونَ لَهُ وَكِيلٌ مَعْرُوفٌ، فَإِنْ أَهْدَى إِلَيْهِ مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ أَوْ لَمْ يُهْدِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ .. حَرُمَ قَبُولُهَا، وَإِنْ كَانَ يُهْدِي وَلَا خُصُومَةَ .. جَازَ بِقَدْرِ الْعَادَةِ،

===

(وألّا يشتري ويبيع بنفسه) في عمله بل يكره؛ لئلا يُحابى، (ولا يكون له وكيلٌ معروف) كيلا يُحابى أيضًا، والإجارة وسائر المعاملات كالبيع والشراء، بل نص في "الأم": على أنه لا ينظر في نفقة عياله ولا أمر ضيعته، بل يكله إلى غيره تفريغًا لقلبه (١).

(فإن أهدى إليه من له خصومة، أو لم يهد قبل ولايته) ولا خصومة له ( .. حرم قبولها) لأنه في الأولى يميل إليه، وينكسر به قلب خصمه، وأما في الثانية .. فلأن سبب الهدية الولاية، وقد صرّحت الأحاديث بتحريم هدايا العمال (٢)، فلو قبلها .. لم يملكها، ومتى كانت الهدية لأجل الحكم له بغير حق أو ليمتنع من الحكم عليه بالحق .. فهي رشوة محرمة إجماعًا.

ومثله: لو بذل له مالًا ليحكم له بحق ولولا البذل لما قضى له به .. قال الأَذْرَعي: ولا أعرف في تحريم هذا خلافًا، ولا شك فيه، ولكنه أقل مأثمًا من الضرب الأول. وسواء في الهدية كان المهدي من أهل عمل القاضي أو من غيره وقد حملها إليه؛ لأنه صار في عمله؛ فلو جهزها مع رسول وليس له محاكمة .. ففي جواز قبولها وجهان، ولو كان القاضي في غير عمله .. لم يحرم عليه أخذ الهدية، سواء كان المهدي من أهل عمله أم لا إلا أن يستشعر القاضي أنها مقدمة خصومة فتحرم.

(وإن كان يُهدي ولا خصومة .. جاز بقدر العادة) لخروج ذلك عن سبب الولاية، فانتفت التهمة.

وقوله: (بقدر العادة) من زياداته على "المحرر" من غير تمييز، واحترز به: عمّا إذا زاد .. فإنه يحرم؛ لأن الزيادة حدثت بالولاية، وقضيته: اختصاص التحريم بالقدر الزائد، لكن قول "الروضة" و"أصلها": (فإن زاد المهدي على قدر


(١) الأم (٧/ ٤٩٢).
(٢) أخرجه البخاري (٧١٧٤)، ومسلم (١٨٣٢) عن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>