للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَالَ مُدَّعَىً عَلَيْهِ: (أَنَا صَبِيٌّ) .. لَمْ يُحَلَّفْ، وَوُقِفَ حَتَى يَبْلُغَ. وَالْيَمِينُ تُفِيدُ قَطْعَ الْخُصُومَةِ فِي الْحَالِ لَا بَرَاءَةً، فَلَوْ حَلَفَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً .. حَكَمَ بِهَا، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: (قَدْ حَلَّفَنِي مَرَّةً فَلْيَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْنِي) .. مُكِّنَ فِي الأَصَحِّ،

===

منصبهما، وهذا مستثنى من الضابط؛ لأنه لو اعترف القاضي والشاهد .. لانتفع المدعي به، وقد صرح في "المحرر" بالاستثناء (١)، قال الزركشي: وفيه نظر؛ لأن ذلك يخرج من قوله: (دعوى) وهذا لا تسمع عليه الدعوى؛ كما عبر به المصنف في (باب القضاء).

(ولو قال مدعىً عليه: "أنا صبي" .. لم يحلف، ووقف حتى يبلغ) لأنه لو كان كذابًا .. لم يمتنع من الإقدام على الحلف فلا فائدة، وهذا مستثنى من الضابط أيضًا.

(واليمين تفيد قطع الخصومة في الحال لا براءة) لأنه عليه الصلاة والسلام أمر رجلًا بعدما حلف بالخروج من حق صاحبه؛ كأنه عرف كذبه، رواه الإمام أحمد، وصحح الحاكم إسناده (٢)، فدل على أن اليمين لا توجب البراءة، (فلو حلف ثم أقام بينة .. حكم بها) لما قلناه.

وشمل إطلاقه البينة: الحجة الكاملة، وكذا الشاهد الواحد إذا حلف معه، وبه صرح صاحب "العدة" وغيره.

(ولو قال المدعى عليه: "قد حلفني مرة فليحلف أنه لم يحلفني" .. مكن في الأصح) لأن ما قاله محتمل غير مستبعد، والثاني: المنع؛ لأنه لا يؤمن أن يدعي المدعي أنه حلفه على أنه ما حلفه، وهكذا فيدور.

وأجاب الأول عن هذا: بمنع إجابة المدعي إلى ما ذكره؛ لإفضاء ذلك إلى التسلسل، هذا كله إذا قال: (حلفني عند قاض آخر) أو أطلق، أما إذا قال: (عندك أيها القاضي) فإن حفظ القاضي ذلك .. لم يحلفه ومنع المدعي ما طلبه، وإن لم يحفظه .. حلفه، ولا ينفعه إقامة البينة عليه في الأصح؛ لأن القاضي متى تذكر حكمه .. أمضاه، وإلا .. فلا يعتمد البينة.


(١) المحرر (ص ٥٠٨).
(٢) مسند أحمد (١/ ٢٩٦)، المستدرك (٤/ ٩٥)، وأخرجه أبو داوود (٣٢٧٤)، والنسائي في "الكبرى" (٥٩٦٣) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>