للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا نَكَلَ .. حَلَفَ الْمُدَّعِي وَقُضِيَ لَهُ، وَلَا يُقْضَى بِنكُولِهِ، وَالنُّكُولُ: أَنْ يَقُولَ: (أَنَا نَاكِلٌ)، أَوْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي: (احْلِفْ)، فَيَقُولُ: (لَا أَحْلِفُ)، فَإِنْ سَكَتَ .. حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ، وَقَوْلُهُ لِلْمُدَّعِي: (احْلِفْ) .. حُكْم بِنُكُولِهِ. وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ فِي قَوْلٍ كَبيِّنَةٍ، وَفِي الأَظْهَرِ: كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَهَا بَيِّنَةً بِأَدَاءٍ أَوْ إِبْرَاءٍ .. لَمْ تسْمَعْ،

===

(وإذا نكل) المُدَّعى عليه عن اليمين ( .. حلف المدعي) اليمين المردودة إن كان الحق للمدعي، (وقُضي له، ولا يُقضى بنكوله) لأنه عليه الصلاة والسلام ردَّ اليمين على طالب الحق، رواه الدارقطني، وقال الحاكم: صحيح الإسناد (١)، وحكم بذلك عمر رضي الله عنه بحضرة الصحابة، كما رواه الشافعي (٢).

(والنكول: أن يقول: "أنا ناكل"، أو يقول له القاضي: "احلف"، فيقول: "لا أحلف") لظهوره فيه، هذا إذا عرف المدعى عليه معنى النكول، أما العامي الذي لا يعرفه .. فيجب على القاضي أن يعرفه أنه إن نكل عرض اليمين على المدعي، فإن حلف .. استحق عليه ما ادعاه، ولا تسمع بينته بأداء أو إبراء بعد ذلك.

(فإن سكت) بعد عرض اليمين عليه لا لدهشة ونحوها ( .. حكم القاضي بنكوله) كما أن السكوت عن الجواب في الابتداء نازلٌ منزلة الإنكار، ولا بد من الحكم هنا؛ ليرتب عليه رد اليمين، وهذا بخلاف ما لو صرح بالنكول برد وإن لم يحكم القاضي.

والحكم: أن يقول: (جعلتك ناكلًا)، أو (نكلتك) بالتشديد.

(وقوله) أي: القاضي (للمدعي) بعد امتناع المدعى عليه ("احلف" .. حكم بنكوله) نازل منزلة قوله: (حكمت بأن المدعى عليه ناكل).

(واليمين المردودة في قولٍ كبينة) يقيمها المدعي؛ لأن الحجة اليمين، واليمين وجدت منه، (وفي الأظهر: كإقرار المدعى عليه) لأنه بنكوله توصل إلى الحق؛ فأشبه إقراره.

(فلو أقام المدعى عليه بعدها بينةً بأداء أو إبراء .. لم تسمع) لكونه مكذبًا للبينة


(١) سنن الدارقطني (٤/ ٢١٣)، المستدرك (٤/ ١٠٠) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(٢) الأم (٨/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>