للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغبطة ... فكيف تطيب نفسي بأكل ذلك؟ ! ) (١).

وقال العلامة ابن العطار رحمه الله تعالى: (قال لي شيخنا أبو المفاخر، محمد بن عبد القادر الأنصاري رضي الله عنه: لو أدرك القشيريُّ صاحبُ "الرسالة" شيخَكم وشيخَه - أي: الكمال المغربي - .. لَمَا قدَّم عليهما في ذكره لمشايخها أحدًا؛ لِمَا جُمع فيهما من العلم والعمل، والزهد والورع، والنطق بالحكم، وغير ذلك) (٢).

وقال العلامة ابن دقماق رحمه الله تعالى: (إنه كان يأكل من خبز يبعثه له أبوه من "نوى" يخبزونه له، ويشترون له ما يكفيه جمعةً فيأكله، ولا يأكل معه سوى لون واحد؛ إما دبس، وإما خلّ، وإما زيت، وأما اللحم .. ففي كل شهر مرة، ولا يكاد يجمع بين لونين من إدام أبدًا) (٣).

وقال العلامة ابن العطار رحمه الله تعالى: (رأيت رجلًا من أصحابه قشَّر له خيارة؛ ليطعمه إياها، فامتنع عن أكلها، وقال: أخشى أن ترطب جسمي، وتجلب النوم) (٤).

وقد كان أثر زهده وورعه وصلاحه واضحًا، فقد ذكر تلميذه العلامة ابن العطار رحمه الله تعالى عنه حكاية فقال: (ذكر لي شيخنا العارف، القدوة المُسَلِّك، ولي الدين، أبو الحسن علي، المقيم بجامع بيت لهيا خارج دمشق "ت ٦٨٥ هـ" قال: كنتُ مريضًا بمرض يسمى "النقرس" في رجلي، فعادني الشيخ محيي الدين - قدس الله روحه العزيز - فلما جلس عندي .. شرع يتكلم في الصبر، قال: فكلما تكلم .. جعل الألم يذهب قليلًا قليلًا، فلم يزل يتكلم فيه حتى زال جميع الألم، وكأنْ لم يكن قط، قال: وكنت قبل ذلك لم أنم الليل كلَّه من الألم، فعرفت أن زوال الألم من بركته رضي الله عنه) (٥).

ولقد نذر الإمام النووي رضي الله عنه حياته لله، فأعرض عن حطام الدنيا وزخرفها، قال الإمام السخاوي رحمه الله تعالى: (ولم يتزوج قط فيما علمت؛


(١) تحفة الطالبين (ص ١٠).
(٢) تحفة الطالبين (ص ٤).
(٣) حياة الإمام النووي (ص ٥٤).
(٤) تحفة الطالبين (ص ١٠).
(٥) تحفة الطالبين (ص ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>