للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: أَرْبَعَةً، وَفِي قَوْلٍ: أَبَدًا، وَقِيلَ: الْخِلَافُ فِي خَائِفِ الْقِتَالِ، لَا التَّاجِرِ وَنَحْوِهِ. وَلَوْ عَلِمَ بَقَاءَهَا مُدَّةً طَوِيلَةً .. فَلَا قَصْرَ عَلَى الْمَذْهَبِ.

===

ابن الصلاح والسبكي؛ لما في "البخاري" عن ابن عباس: (أنه عليه الصلاة والسلام قَصَرَ تسعة عشر يومًا)، قال البيهقي: وهو أصحُّ الروايات (١).

(وقيل: أربعةً) غير يومي الدخول والخروج؛ لأن الترخص إذا امتنع بنية إقامتها .. فبإقامتها أولى، وحكياه في "الشرح" و"الروضة" قولًا (٢)، (وفي قول: أبدًا) وحكى الترمذي الإجماع عليه (٣)؛ لأن الظاهر: أنه لو زادت الحاجة .. لدام عليه الصلاة والسلام على القصر، بل روى أبو داوود: (أنه عليه الصلاة والسلام أقام بتبوكَ عشرين يومًا يقصر الصلاة) وصححه ابن حبان (٤).

ويروى: (أن ابن عمر رضي الله عنهما أقام بأَذْرَبِيجانَ ستة أشهر يَقصُر) (٥).

(وقيل: ) هذا (الخلاف في خائف القتال، لا التاجرِ ونحوِه) أي: فيُقطَع فيهما بالمنع فيما زاد على أربعة أيام؛ إذ الأصل الإتمام، والوارد إنما كان في القتال، والمقاتلُ أحوج إلى الترخّص، وأجاب الأول بأن القتال ليس هو المُرخِّص، وإنما المُرخِّص وصف السفر، وهو وغيره فيه سواء.

(ولو علم بقاءَها مدةً طويلةً) بأن كان يعلم أنه لا يتنجز شغلُه إلّا في خمسة أيام مثلًا ( .. فلا قصر على المذهب) لأنه ساكن بعيد عن هيئة المسافرين، ووجه القصر: القياس على عدم انعقاد الجمعة به.

وظاهر كلامه: أنه لا فرق في جريان الخلاف بين المحارب وغيره، وليس كذلك، فالمعروف في غير المحارب الجزمُ بالمنع، وحكاية الخلاف فيه غلط؛ كما قاله في "الروضة" (٦).


(١) الوسيط (٢/ ٢٤٧)، صحيح البخاري (١٠٨٠)، سنن البيهقي (٣/ ١٥١).
(٢) الشرح الكبير (٢/ ٢١٤)، روضة الطالبين (١/ ٣٨٤).
(٣) سنن الترمذي (٢/ ٤٣٤).
(٤) سنن أبي داوود (١٢٣٥)، صحيح ابن حبان (٢٧٤٩) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٥) أخرجه البيهقي (٣/ ١٥٢).
(٦) روضة الطالبين (١/ ٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>