للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا يَوْمَا دُخُولهِ وَخُرُوجِهِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ أَقَامَ بِبَلَدٍ بِنِيَّةِ أَنْ يَرْحَلَ إِذَا حَصلَتْ حَاجَة يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ وَقْتٍ .. قَصَرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا،

===

وإنما قيدتُ كلامه بـ (المستقل) ليخرج التابع؛ كما لو نواها العبدُ أو الزوجة أو الجيش، ولم ينوها السيدُ ولا الزوج ولا الأمير .. فأقوى الوجهين في "زوائد الروضة": أن لهم القصرَ؛ لأنهم لا يستقلون، فنيتهم كالعدم (١)، ومحل تأثير النية: إذا نوى وهو ماكث، فلو نوى وهو سائر .. لم يؤثر قطعًا؛ كما ذكره في "شرح المهذب"، لكن في "التهذيب" للبغوي خلافُه (٢).

(ولا يُحسب منها يوما دخولِه وخروجِه على الصحيح) لأنه عليه السلام أقام بمكة في حجة الوداع ئلاثة أيام غير يومي دخوله وخروجه إلى منى، وهو يقصر الصلاة (٣)، والثاني: أنهما يحسبان بالتلفيق، فلو دخل زوالَ السبت ليخرج زوالَ الأربعاء .. أتم، أو قبله .. قصر؛ كما يحسب في مدة مسح الخف يوم الحدث ويوم النزع.

والفرق على الأول: أن المسافر لا يستوعب النهار بالسير، وإنما يسير في بعضه، وهو في يومي الدخول والخروج سائر في بعض النهار، بخلاف اللبس؛ فإنه مستوعب للمدة، ولأنه مشغول في يوم الدخول بأُهْبة النزول، وفي يوم الارتحال بأُهْبة الانتقال، وهما من أشغال السفر المنافيان لراحة الحضر.

(ولو أقام ببلدٍ بنية أن يرحل إذا حصلت حاجةٌ يتوقعها كلَّ وقت .. قَصَرَ ثمانيةَ عشرَ يومًا) لأنه عليه الصلاة والسلام لمّا فتح مكة .. أقام يقصر على حرب هوازن ئمانية عشر يومًا، رواه أبو داوود ولم يضعفه (٤)، وقيل: يقصر تسعة عشر يومًا، واختاره


(١) روضة الطالبين (١/ ٣٨٤).
(٢) المجموع (٤/ ٣٠١)، التهذيب (٢/ ٣٠٤).
(٣) قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبحر" (٣/ ٩٦٣ - ٩٦٤): (لم أر هذا في رواية مُصرحة بذلك، وإنما هذا مأخوذ من الاستقراء؛ ففي "الصحيحين " [خ ٢٥٠٦، م ١٢١٦]: عن جابر: "قدمنا مكة صُبح رابعة"، وفي "الصحيحين" [خ ٤٥، م ٣٠١٧/ ٥] "أن الوقفة كانت الجمعة"، وإذا كان الرابع يوم الأحد .. كان التاسع يوم الجمعة بلا شك، فثبت أن الخروج كان يوم الخميس.
وأما القصر .. فرواه أنس قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة يُصلي ركعتين ركعتين، حتى رجعنا إلى المدينة" متفق عليه [خ ١٠٨١، م ٦٩٣]).
(٤) سنن أبي داوود (١٢٢٩)، وأخرجه البيهقي (٣/ ١٥٧) عن عمران بن حصين رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>