للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُبَالِغُ فِي الدُّعَاءِ سِرًّا وَجَهْرًا، وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ فَيَجْعَلُ يَمِينَهُ يَسَارَهُ وَعَكْسَهُ، وَيُنَكِّسُهُ -عَلَى الْجَدِيدِ- فَيَجْعَلُ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَعَكْسَهُ،

===

"الدقائق" (١)، وكلامه قد يوهم بقاء الاستقبال إلى فراغ الخطبة، والمجزوم به في "الشرح" و"الروضة": أنه إذا فرغ من الدعاء الآتي ذكرُه .. استقبل الناس وأتى بباقي الخطبة، وقال: (أستغفر الله لي ولكم) (٢).

(ويبالغ في الدعاء سرًّا وجهرًا) لقوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} وإذا أسرّ .. دعا الناس، وإذا جهر .. أمنوا، ويرفعون أيديهم في الدعاء جاعلين ظهور أكفهم إلى السماء، ثبت ذلك في "صحيح مسلم" (٣)، وهكذا السنة لكل من دعا لرفع بلاء: أن يجعل ظهر كفه إلى السماء، وإذا سأل شيئًا .. عكس ذلك.

(ويحول رداءه عند استقباله، فيجعل يمينه يساره وعكسه) للاتباع؛ كما رواه أبو داوود (٤)، والمعنى في ذلك: التفاؤل بتحويل الحال من الغلاء إلى الرخاء، قال العجلي: ويكره تركه.

(وينكسه -على الجديد- فيجعل أعلاه أسفله وعكسه) لأنه عليه السلام استسقى وعليه خميصة سوداء، فأراد أن يأخذ أسفلها فيجعله أعلاها، فلما ثقلت عليه .. قلبها، صححه ابن حبان والحاكم (٥)، وجه الدلالة: أنه همّ به فمنعه مانع من فعله، والقديم: لا يستحب؛ لأنه لم يفعله.

ومحل الخلاف: في الرداء المربع، أما المدور .. فلا يستحب التنكيس، بل يقتصر على التحويل قطعا، ومتى جعل الطرف الأسفل الذي على شقه الأيمن على


(١) دقائق المنهاج (ص ٤٨).
(٢) الشرح الكبير (٢/ ٣٨٩ - ٣٩٠)، روضة الطالبين (٢/ ٩٤).
(٣) صحيح مسلم (٨٩٦) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٤) سنن أبي داوود (١١٦٣)، عن عبد الله بن زيد المازني رضي الله عنه.
(٥) صحيح ابن حبان (٢٨٦٧)، المستدرك (١/ ٣٢٧)، وأخرجه ابن خزيمة (١٤١٥)، وأبو داوود (١١٦٤)، والنسائي (١/ ١٥٧) عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>