للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجُوزُ الْبُكَاءُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ، وَيَحْرُمُ النَّدْبُ بتَعْدِيدِ شَمَائِلِهِ، وَالنَّوْحُ، وَالْجَزَعُ بِضَرْبِ صَدْرهِ وَنَحْوِهِ. قُلْتُ: هَذِهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ: يُبَادَرُ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ وَوَصِيتِهِ. وَيُكْرَهُ تَمَنِّي الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ

===

عليك، ولا نقص عددك) لأن ذلك ينفع المسلمين في الدنيا بكثرة الجزية، وفي الآخرة بالفداء من النار، كما ورد في الحديث (١).

(ويجوز البكاء عليه) أي: على الميت (قبل الموت) بالإجماع (وبعده) للاتباع (٢)، لكن قبله أولى، وقال ابن الصباغ: بعده مكروه، وقال الشيخ أبو حامد: ممنوع.

(ويحرم الندب بتعديد شمائله) مع البكاء؛ كقولهم: واكهفاه، واجبلاه، وإدخال (الباء) على التعديد ليس بجيد؛ لأن الندب هو تعديد الشمائل نفسُه، ولهذا عبرا في "الشرحين" و"الروضة" بقولهما: والندب هو تعديد الشمائل (٣).

(والنوح) وهو: رفع الصوت بالندب (والجزع بضرب صدره ونحوه) كشق الجيب، ونشر الشعر، وتسويد الوجه؛ للنهي عن جميع ذلك (٤).

(قلت: هذه مسائل منثورة: يبادر بقضاء دين الميت) مسارعة إلى فكاك نفسه، وقد صحح ابن حبان وغيره: "نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُتَعَلِّقَة بِدَيْنهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ" (٥).

(ووصيته) مسارعة إلى وصول الثواب له، والبرّ للموصى له.

(ويكره تمني الموت لضر نزل به) في بدنه، أو ضيق دنياه؛ لصحة النهي عنه (٦)،


(١) الشرح الكبير (٢/ ٤٥٩)، روضة الطالبين (٢/ ١٤٥)، التنبيه (ص ٣٧)، والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢٦٣٤٢) مرسلًا، وابن عساكر في "تاريخه" (٥٥/ ٢٠٨) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢) أما البكاء قبل الموت .. فأخرجه البخاري (١٣٠٣)، ومسلم (٢٣١٥) عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وأما بعده .. فأخرجه مسلم (٩٧٦) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) الشرح الكبير (٢/ ٤٦٠)، روضة الطالبين (٢/ ١٤٥).
(٤) أخرجه البخاري (١٢٩٤)، ومسلم (١٠٣) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٥) صحيح ابن حبان (٣٠٦١)، وأخرجه الحاكم (٢/ ٢٦)، والترمذي (١٠٧٩)، وابن ماجه (٢٤١٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٦) أخرجه البخاري (٥٦٧١)، ومسلم (٢٦٨٠) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>