للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتأْخِيرُ السُّحُورِ مَا لَمْ يَقَعْ فِي شَكٍّ، وَلْيَصُنْ لِسَانَهُ عَنِ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ،

===

(وتأخير السحور) ففي "صحيح ابن حبان": أنه من سنن المرسلين (١)، ولأن تأخيره أقرب إلى حصول الحكمة في مشروعيته، وهو التقوِّي على العبادة، ولم يصرح المصنف باستحباب السحور، وقد صرح به في "المحرر" (٢)، واستحبابه مجمعٌ عليه.

وذكر في "شرح المهذب": أنه يحصل بكثير المأكول وقليله، وبالماء (٣)، ففي "صحيح ابن حبان": "تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجُرْعَةِ مَاءٍ" (٤)، ويدخل وقته بنصف الليل؛ كما ذكره الرافعي في (الأيمان)، وذكره في "شرح المهذب" هنا (٥).

(ما لم يقع في شك) بأن يخشي طلوع الفجر؛ لحديث: "دع مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ" (٦).

(وليصُنْ لسانه عن الكذب، والغيبة) ونحوهما؛ كالشتم، والنميمة؛ لحديث: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بهِ .. فَلَيْسَ لله حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ" (٧).

قال في "الدقائق": قول "المنهاج": (ولْيَصُنْ) هذه لام الأمر؛ أي: يلزمه ذلك (٨)، قال الأَذْرَعي: ولا شك فيه؛ لأن ذلك واجبٌ على كلّ أحد، ويتأكد في حقّ الصائم، وعدَّا في "الشرح"، و"الروضة" تبعًا لجماعةٍ ذلك من السنن، قال الإسنوي: (وينبغي تأويله علي الحالة التي يجوز تعاطي هذه الأشياء فيها؛ كالكذب للحاجة، والغيبة للتظلم، ونحوه) (٩).

نعم؛ قد يجب الكذب لخلاص مظلوم من ظالم، أو لغير ذلك، وكذلك الغيبة؛


(١) صحيح ابن حبان (١٧٧٠) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢) المحرر (ص ١١٣).
(٣) المجموع (٦/ ٣٧٩).
(٤) صحيح ابن حبان (٣٤٧٦) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(٥) الشرح الكبير (٣/ ٣٥٢)، المجموع (٦/ ٣٧٩).
(٦) أخرجه الترمذي (٢٥١٨)، والنسائي (٨/ ٣٢٨) عن الحسن بن علي رضي الله عنهما.
(٧) أخرجه البخاري (١٩٠٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٨) دقائق المنهاج (ص ٥٥).
(٩) الشرح الكبير (٣/ ٢١٥)، روضة الطالبين (٢/ ٣٦٨)، المهمات (٤/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>