للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ أَحْدَثَ فِيهِ .. تَوَضَّأَ وَبَنَى، وَفِي قَوْلٍ: يَسْتَأْنِفُ. وَأَنْ يَجْعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، مُبْتَدِئًا بِالْحَجَرِ الأَسْوَدِ مُحَاذِيًا لَهُ فِي مُرُورِهِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ،

===

الطواف بالبيت صلاة؛ كما نطق به الخبر، وفي "الصحيحين": (ولا يطوف بالبيت عُرْيان) (١).

قال في "شرح المهذب": (ومما عمت به البلوى غلبةُ النجاسة في موضع الطواف من الطير وغيره، واختار جماعة من المتأخرين المحققين المطلعين العفوَ عنها، قال: وينبغي أن يقال: يُعفى عمّا يشقّ الاحتراز عنه من ذلك) (٢).

(فلو أحدث فيه .. توضأ وبنى، وفي قول: يَستأنف) وجه هذا: القياس على الصلاة، ووجه الأولى: أن الطواف يحتمل فيه ما لا يحتمل في الصلاة؛ كالفعل الكثير والكلام.

وكان الأحسن أن يقول: (تطهر) بدل (توضأ)؛ ليشمل الحدثين.

(وأن يجعل البيتَ عن يساره، مبتدئًا بالحجر الأسود مُحاذيًا له في مرورهِ بجميع بدنه) للاتباع؛ كما أخرجه مسلم (٣).

قال في "شرح المهذب": وصفة المحاذاة: أن يَمرّ بجميع بدنه على جميع الحجر، وذلك بأن يستقبل البيتَ، ويقف على جانب الحجر الذي إلى جهة الركن اليماني، بحيث يصير جميعُ الحجر عن يمينه، ويصير منكبه الأيمنُ عند طرف الحجر الأيمن، ثم ينوي الطوافَ، ثم يمشي وهو مستقبل الحجر مارًّا إلى جهة يمينه حتى يجاوز الحجر، فإذا جاوزه .. انفتل وجعل يساره إلى البيت ويمينه إلى خارج، ولو فعل هذا من الأول، وترك استقبال الحجر .. جاز، ولكن فاتته الفضيلة (٤).

واعلم: أن المحاذاة الواجبةَ تتعلق بالركن الذي فيه الحجر الأسودُ، لا بالحجر نفسه حتى لو نُحّي الحجر -والعياذ بالله- عن مكانه .. وجبت محاذاةُ الركن؛ كما قاله القاضي أبو الطيب.


(١) صحيح البخاري (٣٦٩)، صحيح مسلم (١٣٤٧) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) المجموع (٨/ ١٦).
(٣) صحيح مسلم (١٢١٨/ ١٥٠) عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.
(٤) المجموع (٨/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>