للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَجَرِ .. لَمْ يُحْسَبْ، فَإِذَا انْتَهَى إِلَيْهِ .. ابْتَدَأَ مِنْهُ، وَلَوْ مَشَى عَلَى الشَّاذَرْوَانِ أَوْ مَسَّ الْجِدَارَ فِي مُوَازَاتِهِ، أَوْ دَخَلَ مِنْ إِحْدَى فَتْحَتَيِ الْحِجْرِ وَخَرَجَ مِنَ الأُخْرَى .. لَمْ تَصِحَّ طَوْفَتُهُ،

===

(فلو بدأ بغير الحجر) كما لو بدأ بالباب مثلًا ( .. لم يُحسب) ما فعله حتى ينتهي إلى الحجر؛ لأن الترتيب قد فات، (فإذا انتهى إليه .. ابتدأ منه) وحسب له الطواف من حينئذ؛ كما لو قدم المتوضئ على غسل الوجه غسل عضو آخر .. فإنه يجعل الوجه ابتداء وضوئه.

(ولو مشى على الشاذَرْوان، أو مسَّ الجدار) أي: جدار البيت (في مُوازاته) أي: في موازاة الشاذَرْوان، (أو دخل من إحدى فتحتي الحِجر، وخرج من الأخرى .. لم تصحّ طَوْفته) لأن الطائف والحالة هذه طائفٌ في البيت لا بالبيت، والله تعالى يقول: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}.

واحترز بقيد الموازاة: عما لو مسَّ الجدار الذي في جهة الباب.

واعلم: أن للبيت أربعةَ أركان: اثنان يمانيان، أحدهما فيه الحَجَر بفتح (الحاء).

واثنان شاميان، والحِجر - بكسر (الحاء) - عندهما.

وسبب إخراج الشاذَرْوان والحجر عن بناء البيت: أن قريشًا لما أعادت بناءه .. قصرت بهم النفقة عن ذلك فتركوهما كذلك، لكن صحَّ أن ابن الزبير لمَّا بلغه حديث عائشة في إعادتها على ما كانت عليه: "لَوْلَا قُرْبُ عَهْدِهِمْ بِجَاهِلِيَّةٍ" (١) .. قال: أنا اليوم أجد ما أنفق، ولست أخاف الناس، فهدمها وبناها على قواعد إبراهيم، وأدخل فيها الحِجر، وجعل لها بابين، ثم هدم الحجاج الشقّ الذي من ناحية الحِجر فقط؛ كما قاله الأزرقي وغيره (٢)، وأعاده على ما كان عليه في زمن قريش، والشقّ الآخر بناء ابن الزبير، قيل: إنه يظهر للرائي عند رفع الأستار، وقال بعضهم: فينبغي الصحة في الطواف على الشاذَرْوان، لا كما قال الأصحاب.


(١) أخرجه البخاري (١٥٨٣)، ومسلم (١٣٣٣) عن عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) أخبار مكة (١/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>