للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويأْخُذُونَ مِن مُزْدَلِفة حَصَى الرَّمْيِ،

===

والتغليس هنا أشد استحبابًا من سائر الأيام، وينبغي الحرص على صلاة الصبح هناك؛ للخروج من الخلاف، فقد قال ابن حزم: فرض على الرجال أن يصلوا الصبح مع الإمام الذي يقيم الحجّ بمزدلفة، قال: ومن لم يفعل ذلك .. فلا حجّ له (١).

(ويأخذون من مزدلفة حصى الرمي) لأن بها جبلًا في أحجاره رَخاوة، وفي "صحيح مسلم": أنه -صلى الله عليه وسلم- لما دخل مُحسِّرًا .. قال: "عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ الْجَمْرَةُ" (٢)، وهذا يدلّ على الأخذ من وادي مُحسِّر، وهو أول منىً.

وقضية كلامه: أخذ جميع ما يرمي به في الحجّ، وهو سبعون حصاة، وهو وجه جزم به في "التنبيه"، وأقرّه في "التصحيح"، وجرى عليه في منسكه المسمى بـ "الإيضاح" (٣)، لكن الأصح: استحباب الأخذ ليوم النحر خاصة، ونقله الرافعي عن الأكثرين، وقال في "شرح المهذب": إنه المشهور، والمنصوص في "الأم"، و"البويطي"، وبه أجاب الجمهور، قال: والأحوط: أن يزيد عليها، فربما سقط بعضها، قال الجمهور: ويأخذ الحصى ليلًا قبل أن يصلي الصبحَ، وقال البغوي: يؤخر أخذَها عن الصلاة، قال في "المهمات": وهو الصواب نقلًا ودليلًا؛ فقد رأيته منصوصًا عليه في "الأم"، و"الإملاء" (٤).

ولو أخذ الحصى من غير مزدلفة .. جاز، لكن يكره من المسجد؛ لأنه فرشه، ومن الحُشِّ؛ لغلبة نجاسته، ومن المرمى؛ لما قيل: "إِنَّ مَنْ تُقُبِّلَ حَجُّهُ .. رُفِعَ حَجَرُهُ، وَمَا تَبَقَّى فَهُوَ مَرْدُودٌ" (٥). كذا في "الشرح"، و"الروضة"، وزاد في


(١) المحلّى (٧/ ١٣٠).
(٢) أخرجه مسلم (١٢٨٢) عن الفضل بن عباس -رضي الله عنهما-.
(٣) التنبيه (ص ٥٥)، الإيضاح (ص ٣٠٢).
(٤) المجموع (٨/ ١٢٣ - ١٢٤)، المهمات (٤/ ٣٦٢).
(٥) أخرجه الحاكم (١/ ٤٧٦)، والدارقطني (٢/ ٣٠٠)، والبيهقي (٥/ ١٢٨) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>