للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ، وَكَذَا الْحَجُّ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الأَوَّلِ، وَتَجِبُ بِهِ: بَدَنَةٌ،

===

(وتفسد به العمرة، وكذا الحجّ قبل التحلّل الأول) أما فساد الحجّ؛ فإن كان قبل الوقوف .. فبالإجماع؛ كما قاله القاضي حسين والماوردي (١)، وإن كان بعده .. فقد خالف فيه أبو حنيفة، ودليلُنَا عليه: أنه صَادَف إحرامًا صحيحًا لم يحصل فيه التحللُ الأول، فأشبه ما قبل الوقوف، وأما العمرة: فبالقياس عليه.

وقوله: (قبل التحلل الأول): قيد في الحجّ خاصة، واحترز به: عمّا إذا وقع الجماع بعده .. فإن الحجّ لا يفسد به على الأصحِّ، وكما لا يفسد الحجّ لا تفسد العمرة أيضًا إذا كان قارنًا وَلم يأت بشيء من أعمالها؛ لأنها تقع تبعًا له، وقيل: تفسد، وكلام المصنف يوهمه.

(وتجب به بدنة) لقضاء الصحابة رضي الله عنهم بذلك (٢).

وقوله: (به): يعني: بالجماع المفسد، وهو احتراز عن مسألتين: إحداهما: إذا جامع في الحجّ بين التحلّلين وقلنا: لا يفسد .. فإنه لا تلزمه بدنة في الأظهر، بل شاة؛ لأنه محظور لم يحصل به إفسادٌ، فأشبه الاستمتاعات، الثانية: إذا تكرر منه الجماع في العمرة أو في الحجّ قبل التحلّل الأول .. فإن الأظهر: أنه يجب بالثاني شاة لا بدنة؛ لأن الإفساد حصل بالجماع الأول.

واعلم: أن البدنة حيث أُطلقت في كتب الحديث والفقه .. المرادُ بها: البعير ذكرًا كان أو أنثى، وشرطها: أن تكون في سنّ الأضحية.

وأما أهل اللغة .. فقال كثيرٌ منهم أو أكثرهم: إنها تطلق على البعير والبقرة، وحكى المصنف في "التهذيب"، و"التحرير" عن الأزهري: أنها تطلق على الشاة أيضًا (٣)، ووهم في ذلك، وقيل: تطلق على البعير خاصة، وحكاه الماوردي عن الجمهور.

ومحل وجوب البدنة: إذا وجدها، وإلا .. فبقرة، وإلا .. فسَبْعُ شياه، وإلا ..


(١) الحاوي الكبير (٥/ ٢٩١).
(٢) انظر "سنن البيهقي" (٥/ ١٦٧ - ١٦٨).
(٣) تهذيب الأسماء واللغات (٣/ ٣٦)، تحرير ألفاظ التنبيه (ص ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>