للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَتَخَيَّرُ فِي الصَّيْدِ الْمِثْلِيِّ بَيْنَ ذَبْحِ مِثْلِهِ وَالصَّدَقَةِ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ وَيَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا لَهُمْ، أَوْ يَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْماَّ. وَغَيْرُ الْمِثْلِيِّ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا أَوْ يَصُومُ

===

وفي مستحق السَّلَب أوجه، أصحها: أنه للسالب؛ كالقتيل.

(ويتخير في الصيد المثلي بين ذبح مثله والصدقة به على مساكين الحرم، وبين أن يُقوِّم المثلَ دراهم ويشتري بها طعامًا لهم، أو يصومَ عن كلّ مدّ يومًا) لقوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} إلى قوله: {صِيَامًا}، وهذه الكفارة تُسمَّى مُخيَّرة مُعدَّلة؛ لأن الله تعالى، قال: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا}.

ويستثنى من إطلاقه ذبحَ المثل: ما إذا قتل صيدًا مثليًّا حاملًا .. فإنه لا يجوز ذبح المثل على الأصح، بل يُقوّم المثل حاملًا، ويتصدق بقيمته طعامًا.

وعلم من كلامه: أنه لا يجوز إخراجه حيًّا، ولا أكل شيء منه، ولا تقويم الصيد؛ كما قاله مالك (١)، ولا إخراج الدراهم؛ كما يقوله أبو حنيفة (٢).

وقوله: (دراهم) منصوب بنزع الخافض، وتقديره: بدراهم، والتقويمُ لا يختص بها، بل بالنقد الغالب، وإنما عبر بها؛ لأنها الغالبُ من النقود.

وقوله: (لهم) أي: لأجلهم؛ لأن الشراء يقع لهم، والشراء ليس بمتعين، وإنما المراد: التصدق بما يساوي النقدَ من الطعام، والمراد: الطعام المجزئ في الفطرة؛ كما صرح به الإمام (٣).

(وغير المثلي يَتصدّق بقيمته طعامًا، أو يصوم) قياسًا على المثلي، ولا يخرج الدراهم؛ لأنه لا مدخل لها في الكفارات أصلًا، والعبرة في هذه القيمة: بموضع الإتلاف لا بمكة على المذهب؛ كما تقدم؛ قياسًا على كلّ متلف، بخلاف ما له مثل؛ فإن الأصح فيه: اعتبار القيمة بمكة يوم الإخراج؛ لأنها محلُّ الذبح، فإذا عدل عنه إلى القيمة .. اعتبرنا مكانه في ذلك الوقت، وحيث اعتبرنا قيمة مكان الإتلاف ..


(١) انظر "المدونة" (٢/ ١٩٣ - ١٩٤).
(٢) انظر "البحر الرائق" (٣/ ٥١ - ٥٢).
(٣) نهاية المطلب (٤/ ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>